في ظل الجهود المستمرة لدولة الإمارات من أجل تطوير الإعلام الوطني، اعتمد مجلسُ الإمارات للإعلام، خلال اجتماعه الأخير، استراتيجية شاملة للسياسات والتشريعات المنظِّمة لقطاع الإعلام في الدولة من خلال توحيد الجهود الوطنية، وخلق شراكات مع مختلف الجهات الإعلامية، بما يمهد لصناعة منظومة إعلامية رائدة ترتقي بهذا القطاع الحيوي والمهم، وتتخذ من توجيهات القيادة الرشيدة ممثلةً في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، خريطةَ طريق للتفوق والصدارة المستدامة، لتعزيز مكانة الإمارات على الخريطة الإعلامية العالمية.

وتستهدف الاستراتيجيةُ المذكورةُ تحفيزَ ريادة الأعمال في مجال الإعلام من خلال تقديم حوافز لجذب المواهب الشابة، وخلق بيئة إيجابية تُشجع على الابتكار، وتضمن سهولةَ ممارسة الأعمال، وتحفظ الملكية الفكرية للمبدعين في قطاع الإعلام. كما تسعى إلى تعزيز صناعة محتوى محلي تنافسي عبر دعم الإنتاج المحلي، وتطوير برامج تدريبية، بالتعاون مع عدد من الشركات العالمية، وخلق شراكات لعرض المحتوى المحلي وتصديره عالمياً.

ولأن الشباب هم القوة النابضة في المجتمع، فقد أكد مجلس الإمارات للإعلام أنه يعمل على تمكين قطاع إعلامي وطني يرتكز على الشباب، باعتباره الثروة الحقيقية للوطن، وذلك باستقطابهم وإلحاقهم بالبرامج التدريبية التي تعزز مهاراتهم ،وتزيد من معرفتهم في مختلف أقسام مجال الإعلام، بما يواكب المتغيرات المتسارعة التي تشهدها صناعة الإعلام. وفي الواقع، فإن الإعلام بات يؤدي دوراً محورياً في توجيه الرأي العام وتشكيله، وبخاصة في ظل الطفرة التكنولوجية الهائلة التي يشهدها العالم المعاصر، فمن ناحية تُعدُّ وسائلُه المصدرَ الأول للأخبار والمعلومات، ومن ناحية أخرى تعمل أدواره العديدة، كالترفيه، وخدمة الجمهور والمتلقين، على جعله جزءاً أساسياً من الحياة اليومية للشعوب. ولا شك في أن الإعلام يُسهم في نقل الأفكار والثقافات، كما يعزز التواصل الجماهيري، ولولا أهميته على مر العصور لما وصفت إحدى أدواته، وهي الصحافة، بـ«السلطة الرابعة».

ولقد أدركت دولة الإمارات مبكراً أهميةَ مساهمة الإعلام في تعزيز مسيرة التنمية، وتتعدد مواقف وتصريحات القيادة الرشيدة المؤكدة على الدور المهم لقطاع الإعلام. وهنا ينبغي التذكير بما قاله صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، حين أوضح أن «للإعلام دوراً محورياً في النهضة التنموية والحضارية للدولة، والتعبير عن التطلُّعات الوطنية». ولا شك في أن دولة الإمارات عملت في مراحل مختلفة على تطوير سياسات الإعلام وتنظيمه بما يعزز مكانتَها وسمعتَها على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وعلى النحو الذي يواكب التغيرات والمستجدات. وجدير بالذكر أن قطاع الإعلام في دولة الإمارات حقق تقدماً ملحوظاً واستثنائياً بعد تصدّره قائمةَ أولويات العمل الحكومي في الدولة، خلال العام 2023، حيث شهدت الإمارات خلال العام الماضي صدور مجموعة من القوانين الهادفة إلى تطوير أداء قطاع الإعلام وتعزيز دوره والنهوض بالمحتوى الذي يقدمه بما يتماشى مع مكانة الدولة وإنجازاتها محلياً ودولياً.

وهنا تجدر الإشارة على سبيل المثال لا الحصر إلى صدور المرسوم بقانون اتحادي رقم 55 لسنة 2023 في شأن تنظيم الإعلام. وترسخ دولة الإمارات بشكل مستمر مكانتها، ودورها الفاعل في صياغة المشهد الإعلامي على الصعيدين الإقليمي والدولي، من خلال تنظيم الكثير من الفعاليات الدورية، مثل استضافتها، خلال العام الماضي، الدورة الثانية من «الكونغرس العالمي للإعلام»، و«ملتقى الإعلام العالمي»، والدورة الـ 21 من «منتدى الإعلام العربي». إن تطوير خريطة السياسات والتشريعات المنظِّمة لقطاع الإعلام في الدولة هدفه تقديم محتوى نوعي يُثري اقتصاد المعرفة، ويعمل على تمكين إعلام عصري مرن مبتكر يُعزز من تفرد التجربة الإماراتية ليس في المنطقة فحسب وإنما في العالم كله، عبر رؤية شاملة للمستقبل. ومما لا شك فيه أن اعتماد مجلس الإمارات للإعلام استراتيجية شاملة للسياسات والتشريعات المنظمة لقطاع الإعلام في الدولة يعد ركيزة أساسية لتحقيق هذا الهدف.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.