فيما يجسد حرصاً شديداً على تطوير قطاع الإعلام، أصدرت حكومة الإمارات مرسوماً بقانون اتحادي في شأن تنظيم الإعلام بهدف تنظيم الأنشطة الإعلامية بمختلف أنواعها، على النحو الذي يُعزز مكانة الدولة كمركز إعلامي عالمي، ويتيح تهيئة مناخ داعم لنمو وازدهار القطاع الإعلامي، ويسهم في تطوير بيئة تشريعية واستثمارية إعلامية تنافسية تواكب المتغيرات العالمية في قطاع الإعلام.

ويعكس المرسوم بقانون، تواصُل جهود دولة الإمارات لتطوير قطاع الإعلام، الذي شهد العديد من التطورات المهمة خلال العام الحالي، وذلك على النحو الذي يرسخ مكانتها المُتنامية، ودورها الفاعل في مجال صناعة الإعلام واستشراف مستقبله، عبر اعتماد مجموعة من المعايير والأسس اللازمة لتنظيم وترخيص وسائل الإعلام والأنشطة الإعلامية، بما فيها الإعلام الرقمي، تأكيداً لدورها الرائد في تطوير بيئة إعلامية تنافسية تواكب المتغيرات العالمية المتسارعة.

وفي الواقع، فإن هذا الاهتمام الكبير بتطوير قطاع الإعلام في دولة الإمارات، ينسجم مع رؤية القيادة الرشيدة، التي تولي هذا القطاع أهمية خاصة، كما يتماهى في الوقت نفسه مع دور الإعلام كقطاع حيوي يؤدي دوراً كبيراً في مجال بناء الوعي الاجتماعي.

ويتجسد هذا الاهتمام في العديد من القرارات، ومنها تأسيس «المكتب الوطني للإعلام» في يناير الماضي، والذي يهدف إلى تطوير منظومة الإعلام في الدولة بما يخدم المصلحة الوطنية، وتأسيس «مجلس الإمارات للإعلام» في فبراير الماضي، والذي يختصّ بمتابعة المحتوى داخل الدولة، بالإضافة إلى تنظيم مجموعة من الفعاليات الإعلامية الدولية البارزة، مثل «الكونغرس العالمي للإعلام»، الذي يشكل منصة سنوية تجمع القادة وصنّاع القرار والمديرين التنفيذيين في أبرز المؤسَّسات الإعلامية وقطاع الإعلام من مختلف أنحاء العالم، لاستشراف مستقبل صناعة الإعلام العالمية.

ويتميز المرسوم بقانون في شأن تنظيم الإعلام بأنه الأكثر شمولاً، وهو بذلك استطاع أن يواكب التطورات الهائلة التي شهدها هذا القطاع الحيوي خلال العقد الأخير، من حيث تنوع المنصات الإعلامية وتعدد وسائل بث المحتوى الإعلامي، وهنا لابد من الإشارة إلى أن المرسوم بقانون يُحدد الأنشطة الإعلامية على أنها أي نشاط يتعلق بإنتاج ونقل وتوزيع وطباعة ونشر وبث وإرسال المحتوى الإعلامي، سواء كان مقروءاً أو مسموعاً أو مرئياً أو رقمياً، وإتاحتها للجمهور عبر وسائل الإعلام، سواء كانت هذه الأنشطة بمقابل أو دون مقابل، وتشمل البث التلفزيوني والإذاعي، والأفلام السينمائية والمصنفات الفنية، والصحف والمطبوعات، وأنشطة الإعلام الإلكتروني والرقمي، ومعارض الكتب، والمطبوعات الأجنبية، والمكاتب الإعلامية الأجنبية، وطباعة وتداول ونشر المحتوى الإعلامي، وأنشطة التصوير الأرضي والجوي والبحري.

ويؤكد المرسوم بقانون، على جانب شديد الأهمية يعكس حرص دولة الإمارات على إتاحة السُبل القانونية لحماية الملكية الفكرية، حيث أشار إلى قيام مجلس الإمارات للإعلام، وبالتنسيق مع الجهات المعنية، بالعمل على حماية الملكية الفكرية المتصلة بقطاع صناعة الإعلام داخل الدولة وحماية حقوق أصحابها، مُشدداً على ضرورة تقيُّد المؤسسات الإعلامية بتشريعات الملكية الفكرية والعلامات التجارية المعمول بها.

ومما لا شك فيه أن تلك الجهود الوطنية المبذولة لتطوير الإطار التنظيمي لمجال الإعلام، تعكس رؤية القيادة الرشيدة في ترسيخ مكانة الدولة وجهة رائدة لصناعة المحتوى الإعلامي على مستوى المنطقة والعالم، إذ تأتي في وقتٍ نشهد فيه العديد من التحديات والمخاطر في ظل التدفق الحر للمعلومات عبر شبكة الإنترنت، والتنافس المحموم لتحقيق السبق في تشكيل عقول البشر والتأثير في خياراتهم، وهذه قضية مهمة فيما يخص صون وحماية الهوية الوطنية، التي تعد من الأولويات الأساسية على أجندة العمل الوطني لحكومة دولة الإمارات.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.