العودة إلى الوطن والأهل والديار مناسبة سعيدة يهفو إليها كل مغترب ويحسب أيامَه منتظراً ساعة حلمها الجميل.. لكن العودة الإجبارية غير الطوعية تخلو من طعم السعادة والفرح، خاصة إذا لم تكن أوضاع الوطن والديار والأهل على ما يرام. في هذه الشاحنة نساء وأطفال أفغان، ومعهم متعلقاتهم في حوضها، ينتظرون سماح السلطات الحدودية الأفغانية بدخولهم عائدين من باكستان عند معبر تورخام في شرق أفغانستان. وقد شهد هذا المعبر الحدودي منذ عدة أسابيع ازدحاماً كبيراً من الأفغان عديمي الأوراق الثبوتية، العائدين إلى بلادهم بعد أن عاشوا لسنوات طويلة في باكستان، وكثير منهم ولدوا فيها ولا يعرفون غيرَها، لكنهم يغادرونها الآن احتراماً للموعد النهائي الذي حددته الحكومة الباكستانية، إذ أعلنت الأول من شهر نوفمبر 2023 آخر يوم سماح ببقاء الأفغان عديمي الوثائق على أراضيها. وقد احتضنت باكستان مئات آلاف اللاجئين الأفغان، وعاش بعضهم في مخيمات منذ السبعينيات إبان الحرب ضد الوجود السوفييتي، ثم انضافت إليهم أعدادٌ أخرى خلال جولات الحروب التي شهدتها أفغانستان بعد ذلك. وبينما تعاني أفغانستان من الآثار الثقيلة لتلك الحروب وما رافقها من أزمات اقتصادية وإنسانية واسعة ومستمرة، علاوة على الفقر المتفشي والكوارث الطبيعية المتتالية، يعود اللاجئون الأفغان من سنواتِ لجوئهم الطويلة في باكستان إلى لجوء جديد آخر في بلدهم المنهك بمشكلات كثيرة لا يتراءى لها أي حل في الأفق!