يحظى القطاع الصناعي بأهمية بالغة في دولة الإمارات، بالنظر إلى دوره المهم في دعم عملية التنمية الشاملة والمستدامة التي تشهدها الإمارات، في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، إذ أكد سموه أن قطاع الصناعة يعدّ أحد أهم محركات الاقتصاد الوطني خلال السنوات الخمسين المقبلة، ومصدراً أساسيّاً لتنويع الدخل، وإيجاد وظائف، وتحقيق استدامة التنمية.

وممّا لا شك فيه أن إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، في مارس 2021، الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة لتحفيز القطاع الصناعي، أدى إلى وضع هذا القطاع في مكانته اللائقة.

وتعدّ استراتيجية وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدّمة، المعروفة بمشروع 300 مليار، الخطة الأكبر والأشمل لتطوير القطاع الصناعي في الدولة، وتعزيز مساهمته في دعم الاقتصاد الوطني، وتحمِل هذه الاستراتيجية اسم «مشروع 300 مليار» انطلاقاً من هدفها النهائي المتمثل في رفع مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من نحو 133 مليار درهم إلى 300 مليار درهم بحلول عام 2031.

وفي إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة لدعم قطاع الصناعة، استضافت العاصمة أبوظبي، في الفترة من 2 إلى 5 أكتوبر الجاري، المؤتمر الاستراتيجي للتصنيع 2023، الذي يعدّ منصّة للصناعة التحويلية لمناقشة وتحديد التحدّيات والفرص المتاحة للتصنيع في إطار المساعي المبذولة لتحقيق اقتصاد خالٍ من الكربون.

وتُظهر البيانات الإحصائية الصادرة عن المركز الاتحادي للإحصاء والتنافسية في دولة الإمارات التطور الكبير الذي شهده قطاع الصناعة في الدولة خلال العقد الأخير، الأمر الذي يبشّر بالمزيد من ترسيخ إسهامه في تعزيز ركائز الاقتصاد الوطني، حيث تشير هذه البيانات إلى أنه في عام 2015 ارتفع حجم الإنتاج الصناعي لقطاع الصناعات التحويلية في الدولة إلى 116.18 مليار درهم، وهو ما يعادل 11.3% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي البالغ 1.028 تريليون درهم، أما في عام 2020، فارتفعت حصة قطاع الصناعات التحويلية إلى 11.7% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي البالغ 1.09 تريليون درهم.

وفي الواقع، فإن دولة الإمارات تمتلك الكثير من المقومات لتعزيز القطاع الصناعي، ومنها توفر مصادر الطاقة، وقربها من الأسواق المهمة حول العالم، ووجود شبكة تصدير قوية إلى جميع الموانئ والدول المستهلكة ذات الكثافة السكانية العالية، فضلاً عن البنية التحتية العالية الجودة، والمصارف والمؤسسات التي توفر التمويل.

ومن المهم الإشارة إلى أن القطاع الصناعي في الدولة شهد قفزة نوعية خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تَوجّه من الصناعات الغذائية التي تلبّي الطلب محليّاً، إلى تأسيس صناعات تحقق جدوى كبيرة مثل الصناعات الدفاعية والتكنولوجية والآليات والفضاء. وكذلك من المهم الإشارة إلى أن دولة الإمارات تعدّ من الدول الأبرز في الشرق الأوسط والعالم، في تركيزها على الصناعات المرتبطة بالتكنولوجيا، التي شهِدت تطوراً كبيراً خلال السنوات الخمس الماضية بعد إطلاق استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة في سبتمبر 2017، والتي تهدف إلى تعزيز مكانة دولة الإمارات بصفتها مركزاً عالميّاً للثورة الصناعية الرابعة.

* صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.