يتنامى الدور الصيني في منطقة الشرق الأوسط، وتتنامى معه مخاوف واشنطن من تقلص دورها الإقليمي وتحالفاتها الاستراتيجية في المنطقة، وبالأخص في منطقة الخليج العربي - وتحديداً دولتين هما أقرب الشركاء للولايات المتحدة (المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة)، كأبرز حليفين اقتصاديين وعسكريين لواشنطن عبر تاريخ طويل من التأرجحات السياسية والمتغيرات في التوازنات الدولية، وعبر نظام عالمي متعدد الأقطاب ومتجدد التحالفات.

تصريحان مهمان بمثابة محطتين سياسيتين يجدر بنا التوقف عندهما لتقريب الصورة الآنية للحالة السعودية والإماراتية تجاه واشنطن. الأولى: حين قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في لقاء على قناة فوكس نيوز الشهر الماضي: «إن الأميركيين لا يريدون أن يروا السعودية تنقل أسلحتها من أميركا إلى مكان آخر»، والثانية حين وصف معالي الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشهر الماضي، مشاركة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط بأنها «أمر إيجابي»، ثم شدد على أهمية تعزيز ذلك «حتى لا يكون هناك فراغات»، وهو تنبيه ضمني من أنه لن يؤدي إلا إلى «إعطاء الفرص للاعبين الآخرين للانتقال إليها»، في حين ذكر في مؤتمر في نيويورك إنه من المهم الانتقال من اتفاق أمني «غير رسمي إلى شيء رسمي»، وهنا تتضح الصورة كاملة للمواقف الإماراتية والسعودية إزاء أي تنصل أميركي أو إخلال بالاتفاقيات السابقة واللاحقة لمشروعاتهما الدفاعية السلمية الشاملة، سواء المبرمة أو غير المبرمة. في نهاية الأمر، فالواقع الحقيقي في الولايات المتحدة لا يخلو من أزمات اقتصادية.

فالتوقعات الرسمية تشير إلى أن الحكومة الفيدرالية ستنفق هذا العام 2.5% من الناتج الإجمالي للدين العام الذي سيتضاعف خلال عقد، أي بحلول عام 2030 إلى 3.2%، وهو أعلى مستوى وصلت إليه الولايات المتحدة على الإطلاق وأكثر من تكلفة الدفاع. وبحسب صحيفة «الايكونومست» التي طرحت هذه التنبؤات، فإن هذا التقدير يبدو متفائلاً للغاية، لأنه تم إجراؤه قبل التحركات الأخيرة في أسواق السندات، وبالتالي بُني التقدير باعتبار أن عوائد العشر سنوات ستظل أقل من 4%.

ومقابل كل ذلك، فمشروع مجلس الشيوخ إزاء الاتفاقات مع السعودية والإمارات، إنْ كان محل نقاش، فهو مجرد إجراء روتيني لن يذهب إلى أبعد من الموافقة في ظل هذه الظروف الاقتصادية الأميركية المتداعية، والتي يُطلق عليها بعض المراقبين (حافة الهاوية)، مع العلم أن السعودية والإمارات تعلمان جيداً أنه يمكن للرئيس الأميركي أن يقدم بعض التنازلات من دون مصادقة مجلس الشيوخ، لكن ذلك لن يلبي متطلباتهما، ولن يحقق لهما مشروعاً تعاونياً طويل الأمد، وعليه فإن إبرام المعاهدات بين واشنطن، والسعودية والإمارات، أمر وارد بوجود منافس كالتكنولوجيا العسكرية الصينية التي تسعى لتعزيز وجودها في المنطقة في الوقت الحالي. وهنا تتبلور العلاقات الأميركية الخليجية بوضوح. *كاتبة سعودية

 

*كاتبة سعودية