تشارك دولة الإمارات هذه الأيام دول العالم الإسلامي الاحتفال بذكرى خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، النبي العربي الأمين، الذي بعثه الله رحمة للعالمين، هذا الحدث التاريخي الفارق الذي يؤرّخ لميلاد أمة كاملة، هي أمة الإسلام، التي فضّلها الله تعالى على كلّ الأمم.

ويتجلّى في الاحتفال بهذه الذكرى العطرة، اعتزاز دولة الإمارات بهويتها وتمسّكها بجذورها العربية والإسلامية، على الرغم من أنها تُقدّم نموذجاً بالغ الحداثة والمدنية، لتؤكد بذلك أنه لا تعارُض بين قيمنا العربية والإسلامية الأصيلة وبين قِيم التحديث والتنوير، وفي الواقع فإن هذا الحرص البالغ على تعميق هويتنا العربية والإسلامية أمرٌ لازمَ الدولة منذ تأسيسها على يد القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

وكعادة سموه كل عام، توجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بتقديم التهنئة للعالم الإسلامي والدعاء له، قائلاً سموه: «في ذكرى مولد نبيّنا الأكرم، أدعو الله تعالى أن ينعم على عالمنا بالأمن والطمأنينة والاستقرار، وأن تفيض الرحمة التي جاء بها، صلى الله عليه وسلم، سلاماً ومحبّة وتسامحاً على البشرية جمعاء».

كما هنّأ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، العالم الإسلامي، قائلاً: «تحلّ علينا ذكرى مولد خير البشر، الذي أضاء مولده مشارق الأرض ومغاربها، وأضاء النور الذي جاء به قلوبَ البشر وقلوبنا، وأضاءت سيرته ومنهجه الطريقَ لنا ولأمته إلى يوم الدين..».

وتعكس هذه الكلمات من قِبَل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مدى اهتمام قيادتنا الرشيدة بالاحتفاء بهذه الذكرى العطرة التي نستلهم منها أسمى قيم التآخي والتسامح والمساواة، وهي القيم التي شكّلت على الدوام الأساس لسياسة دولة الإمارات ومواقفها على الأصعدة كافة.

وممّا لا شك فيه، أن هذه المناسبة، تذكّرنا جميعاً بضرورة الاقتداء بسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، والعمل بسنّته الشريفة، كما تدعونا إلى ترسيخ قِيَم الوسَطية والتعايش المشترك، التي جاء بها صاحب الخلق الكريم، ولاسيَّما في عصر انتشرت فيه الكثير من أوجه الانحراف والمغالاة، والتطرف والكراهية، وابتُدعت فيه أمور لم يرِد لها ذكر في ديننا الحنيف.

ومن المحزن أنه من حين إلى آخر، وتحت مزاعم حرية الرأي والتعبير، يحاول البعض التعرّض للمقدسات الدينية، ولمقام حضرة النبي، عليه أفضل الصلاة والسلام، وهو أمر تأباه النفوس السوية، وتجرّمه الشرائع السماوية، وتؤثمه القوانين الوضعية والاتفاقيات الدولية، كما أنه ليس من حرية الرأي والتعبير في شيء.

وقد فطنت القيادة الرشيدة في دولة الإمارات إلى خطورة الإساءة إلى الأديان وما يمكن أن تفرزه من نشر لثقافة الكراهية، وهي تعمل على مواجهتها بشكل حاسم، على النحو الذي يكرّس قيم التسامح والتعايش المشترك، ويؤسس لقيم السلام والمساواة في عالم تسوده تحدّيات عظمى لا يمكن مواجهتها إلا من خلال تكتيل الجهود والتصدي لها بشكل جماعي وتعاون مشترك فاعل.

*صادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.