كلمات ساكن البيت الأبيض في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في قمة العشرين، كانت بمثابة إقرار بأهمية دور الإمارات الفاعل والمؤثر على أكثر من صعيد، وهي ليست المرة الأولى التي تثمن فيها الإدارة الأميركية صنيع قيادتنا فيما يتعلق بالعديد من الملفات التي شاركت الإمارات فيها لترسيخ الأمن الإقليمي والسلم العالمي، ونشر السلام والازدهار.

الرئيس الأميركي جو بايدن شكر الشيخ محمد بن زايد لكونه صاحب فكرة إنشاء الممر الاقتصادي الذي يربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، ليكون واحداً من أهم مشاريع القرن الحالي للربط التجاري إنْ لم يكن أهمها لكونه الأول من نوعه.

فوائد مشروع «الشراكة من أجل الاستثمار العالمي في البنية التحتية» كثيرة، حيث يمكنه توفير الوقت للشحنات بين الهند وأوروبا بنسبة 40% كما ذكرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان ديرلاين، ويخفض تكاليف شحنها، ويجلب الاستثمارات المحلية والدولية، ويعزز الاستثمار في البنية التحتية واللوجستية والنقل والموانئ، ويوفر فرصاً وظيفية، كما يطور العلاقات التجارية والاستثمارية بين الدول المشتركة فيه، وهو ما يعزز في نهاية المطاف مكانة وثقل وأهمية منطقة الخليج العربي في السياسة الدولية، إضافة إلى الأهمية الاقتصادية والتجارية.

ومن ثم، فإن المنطقة ستبقى على أهميتها ومكانتها الاستراتيجية بعكس ما روج له البعض في الإدارة الأميركية بشكل خاص، حينما اعتقدوا أن الأهمية الجيوسياسية للمنطقة قد تراجعت، وعلى هذا الأساس اتخذوا قرارات عدة غير موفقة، ثم راجعوا أنفسهم واكتشفوا جسامة الخطأ الذي ارتكبته الإدارة. ولأن الإمارات تمتلك واحدة من أقوى شبكات الربط مع الموانئ البحرية، تستثمر منذ عقود في بناء موانئ عملاقة تُمكنها من خدمة حركة التجارة العالمية، بما يضمن التدفق السلس للتجارة، فإنها ومن دون شك تدعم وتعزز التجارة العالمية.

لم تنته قمة العشرين بمشروع «الشراكة من أجل الاستثمار العالمي في البنية التحتية» فقط، إنما خرجت بنتائج عدة مهمة أيضاً، من بينها تعزيز التعاون الدولي المشترك في مواجهة التحديات الدولية المتصاعدة، والتركيز على عدد من القضايا والملفات الدولية الأكثر إلحاحاً في الوقت الراهن مثل السلام والاستقرار والتنمية الخضراء والحفاظ على المناخ والكوكب، وتسريع التقدم في أهداف التنمية المستدامة ومكافحة الفقر والأمن الغذائي وتفعيل أطر التعاون الاقتصادي، كما شهدت القمة إطلاق التحالف العالمي للوقود الحيوي الذي يهدف إلى تطوير وتعزيز استخدام الوقود الحيوي المستدام بغرض المساعدة في تسريع الجهود العالمية، لتحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفرية، وبما ينسجم مع الأهداف الرامية لمكافحة ظاهرة التغير المناخي والاحتباس الحراري.

إن التعامل مع الفكرة، وتغلب المصلحة العامة والتعاون على أية مصالح أخرى. إن الحضور الإماراتي في قمة العشرين، وبعد أيام قليلة من إعلان عضويتها في مجموعة «بريكس»، يؤكد بوضوح مكانتها ونجاحها في ترسيخ رؤيتها بمد الجسور مع الجميع لما فيه خير الشعوب، خاصة أنها تشكل محوراً فاعلاً في المسار الجديد باعتبارها مركزاً اقتصادياً عالمياً تنافسياً، وهو الأكثر تطوراً وتنوعاً في المنطقة، كما أنه بوابة استراتيجية رائدة وتنافسية، تزخر بالفرص الواعدة للاقتصادات والدول للنفاذ إلى أسواق المنطقة والشرق الأوسط وأفريقيا. وبالتالي فإن الحقيقة التي لا جدال عليها أن بلادنا تجني ثمار ما زرعته قبل عقود، أي منذ تأسيسها، وما تزال حتى اليوم مرحبة بالأفكار الاستثنائية التي تستقطب المزيد من الاستثمارات إليها.