أسهمت دولة الإمارات بدور محوري مباشر في مشروع الممر الاقتصادي لربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، الذي تم الإعلان عنه هذا الشهر خلال انعقاد قمة قادة دول العشرين في نيودلهي، وبذلك تكون الإمارات من الدول المؤسسة للمشروع، وتمثل نقطة انطلاق الممر الشرقي الذي يستفيد من ميزة امتلاك الإمارات بنية تحتية متطورة واقتصاداً متنوعاً، إلى جانب أن موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، ومساهماتها في الاقتصاد العالمي وحركة البضائع في مختلف الموانئ.. ما يجعلها الدولة الأكثر تأهيلاً في الشرق الأوسط للدخول في شراكات عالمية لإنجاح هذا المشروع وغيره من المشروعات الدولية العملاقة ذات الأثر الاقتصادي بعيد المدى.

ونتيجة للدور الكبير الذي أسهمت به الإمارات في التهيئة للاتفاق على هذا المشروع الهام، لاحظت وسائل الإعلام أن الرئيس الأميركي جو بايدن وجَّه خلال كلمته أمام قادة مجموعة دول العشرين الشكرَ إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في تأكيد على جهود قيادة الإمارات التي تتحرك جاعلةً للارتقاء بمشروعات التنمية العالمية ضمن أولوياتها، لما لتلك المشروعات من أثر على تحقيق السلام والازدهار والتعايش بين الشعوب، وهي ثقافة تمارسها الإمارات وتنتهجها في مجتمعها الذي يتعايش فيه الجميع ويبدعون ويعملون من أجل تحقيق رفاهيتهم وسعادة أبنائهم. إن دور الإمارات في مشروع الممر الاقتصادي هو دور الشريك الموثوق به والمؤثر بشكل إيجابي وفعّال، حيث تشمل مساهماتها في المشروع جوانبَ من التمويل وتقديم الخبرة الفنية والإدارية وتسهيل التعاون بين الدول المشاركة.. وفي المقابل يعزز المشروع من زيادة حركة التجارة والاستثمار في الإمارات وترسيخ مكانتها كمركز اقتصادي عالمي.

وبذلك استحقت قيادة الإمارات الشكر والثناء من أكبر قوة اقتصادية عالمية، وأثبتت أن الشراكات المثمرة أصبحت ضرورية، ولا سيما عندما يكون الهدف الأساسي من ورائها ليس تحقيق الأرباح والعوائد الاستثمارية فقط، وإنما كذلك حماية استقرار الشعوب واستثمار الموارد بشكل أفضل والنهوض بالتنمية وابتكار المشاريع التي توسع الشراكات القائمة على المصالح المتبادلة. وكما عودتنا قيادة الإمارات على تكريس جهودها لإنجاح مختلف الجهود الرامية إلى بناء جسور التعاون الاقتصادي وتعميم الخير والرفاه ليشمل كل الشعوب، يضاف هذا النجاح المشهود عالمياً إلى رصيد السياسة الخارجية لدولة الإمارات، ويرفع اسم الدولة عالياً في كافة المحافل الدولية، ويحفز لدى أبنائها ومجتمعها مشاعر الفخر والانتماء.

وهناك أثر إيجابي مضمون لهذا المشروع حيث ستعم فائدتُه الهندَ ذات الكثافة السكانية العالية، ومختلف الدول ذات الصلة، بما يعزز الشراكات ويسهل حركة التجارة وتبادل البضائع والسلع، ويسهم في زيادة عوائد التجارة الخارجية لتضاف إلى الناتج الإجمالي وزيادة الدخل وتوفير فرص إضافية للعمل ولتقليل البطالة.. وأهم من كل ذلك أن توقيت الإعلان عن مشروع الممر الاقتصادي الجديد يأتي والعالم يواجه مصاعب التضخم الاقتصادي، ويشكل إطلاقه بدايةً لتحسين توقعات المستثمرين وضخ رؤوس الأموال في مشروعات جديدة في مختلف الدول المشاركة.

إن مشروع الممر الاقتصادي يفتح الأبواب للتعاون بين الدول المشاركة في مختلف المجالات، بما في ذلك التعاون في مجال الطاقة المتجددة، ولا ننسى أن منطقتنا تمتلك إمكانات كبيرة في هذا المجال، خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويمكن لمشروع الممر الاقتصادي أن يعزز التعاون في هذا المجال ليساعد في تعزيز أمن الطاقة في المنطقة، وخاصة أن المشروع يستهدف ربط الموانئ البحرية بخطوط لنقل الكهرباء والهيدروجين، ومد كابلات نقل البيانات.

*كاتب إماراتي