يستمر أشقاؤنا العرب في متابعة السعي لإنقاذ سوريا، رغم كل الصعوبات، ويبحثون عن حل سياسي يتجاوز الاختلاف حول القرار الأممي 2254 الذي يفتح بناؤه الغامض ضمناً بوابات متعددة لتفسيره، ولا سيما في الموقف من الفقرة الأهم فيه، وهي تشكيل هيئة حكم ذات مصداقية.

وعلى الرغم من مرور سنين على صدور هذا القرار الذي صاغته روسيا، وهو مبني على بيان جنيف 1، فإنه لم يدخل التنفيذ، ولم تعلن الحكومة السورية الحالية موقفاً واضحاً منه، موافقة أو رفضاً، إذ قبلت الدخول في عدة جولات من مسار التفاوض في جنيف، حتى تم إنهاؤها دون الوصول إلى نتيجة، واستطاعت روسيا نقل التفاوض إلى آستانة ثم إلى سوتشي، وتم الالتفاف على تراتبية القرار 2254 عبر البدء في ملف الدستور وتشكيل لجنة دستورية عام 2019، وعقدت هذه اللجنة سلسلة من الاجتماعات، ولم تتمكن من الوصول إلى أي توافق.

وتتوجه الأنظار الآن إلى إحياء مسيرة اللجنة الدستورية، وأظن أن استعادة عمل هذه اللجنة سيدرس أسباب إخفاقها عبر سنوات في الوصول إلى توافق، كما أنها ستحتاج إلى دعم عملي أكبر من قبل دمشق بحيث تمنح تفويضاَ والتزاماً حكومياً بما تصل إليه.

وأغلب ظني أن إنجاز دستور جديد لن يحل القضية، لأنه سيعرض على مجلس الشعب السوري، وربما يعرض إلى استفتاء شعبي، وستكون فكرة التشاركية في الحكم تنفيذاً للدستور الجديد إن تم التوافق عليها قراراً بيد الحكومة السورية وحدها، وبذلك تبقى المشكلات قائمة كما هي.

والسؤال الذي يطرح على استحياء أحياناً هو: ما البديل للقرار 2254؟ إذا افترضنا أن المعارضة السورية فقدت وهجها ولم يعد لها حضورها ولم تعد لها حاضنتها الشعبية، وقد فقدت كثيراً مما كانت تحظى به من دعم سياسي محلي وعربي ودولي، فإن ملايين السوريين يخشون أن يكون الخيار العسكري هو الحل البديل، لا سيما أن الوضع الاقتصادي في الداخل السوري بات ضاغطاً، وهناك قلق من ظهور المزيد من الاضطرابات التي لا تتوفر الإجابات لمواجهتها.

بعض الطروحات في إعلام التواصل الاجتماعي بدأت تدعو إلى اعتبار الكونفدرالية حلاً ممكناً، وهؤلاء يدعون إلى ضم ضفتي الشمال السوري، الشرقية والغربية، على أن يتم التوافق السياسي، وحل قضية الجماعات الإرهابية.. لإنشاء كونفيدرالية توفر الأمان لعودة اللاجئين وبخاصة من تركيا التي ترحلهم تدريجياً، وقد بدؤوا يواجهون فيها نزعات عنصرية، مما يستدعي الإسراع بإيجاد حلول عملية وسريعة.

وثمة مَن يرون أن الحل البديل لتنفيذ القرار 2254 هو بقاء الحال على ما هو عليه، إذ يرى الموالون أن بإمكان العرب البحث عن حلول تنموية لمواجهة الانهيار الاقتصادي، كما أن بوسعهم إنشاء بنى تحتية لمناطق عودة اللاجئين.

ومع أن هذا الحل مكلف للدول العربية، وسيواجه ضغوطاً أميركية وأوروبية، وهو لن يحل المشكلات الموازية الأخرى، ولن ينهي قضية الوجود العسكري الأجنبي على الأرض السورية.. كما أن الكونفدرالية ستكون بوابة تقسيم. ولن يقبل السوريون تمزيق بلدهم إلى كانتونات، وهم جميعاً، موالاة ومعارضة، متحدون في الحرص على الدولة السورية.

*وزير الثقافة السوري السابق