تتركز السياسة الخارجية لدولة الإمارات على المستوى الجيوسياسي في مواجهة المتغيرات المزعزعة للاستقرار في المنطقة، والتي ترى فيها الإمارات تهديداً لمصالحها الاقتصادية والتنموية، حيث أنشأت الإمارات شراكات سياسية وتجارية مع مختلف دول العالم حتى أصبح  الجواز السفر الإماراتي الأول عالمياً بفضل سياسة الدولة القائمة على التوازن والمرونة والانفتاح.

وفي هذا السياق، فإن المقولة الشهيرة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: «إذا كانت العربة هي السياسة، والحصان هو الاقتصاد، فيجب وضع الحصان أمام العربة». وأيضاً المبدأ الثالث للإمارات في الخمسين عاماً المقبلة هو وضع المصالح الاقتصادية على رأس السياسة الخارجية التي تعتبر أداة لخدمة الأهداف الوطنية بهدف توفير أفضل حياة للشعب.

وبحسب تقرير منظمة التجارة العالمية لعام 2022، بلغت تعاملات الإمارات في السلع والخدمات 1.27 تريليون دولار مع العالم بفائض بلغ نحو 233 مليار دولار خلال 2022، حيث حلت الإمارات الأولى عربياً والـ 21 عالمياً ضمن قائمة كبار المصدرين للخدمات الرقمية عالمياً، ما يؤكد أن استراتيجيات التنويع الاقتصادي في الداخل الإماراتي سارت مع تنويع التحالفات السياسية للإمارات مع القوى الإقليمية والعالمية الكبرى. ومن أهم الأدوات السياسية التي تبنتها الإمارات في سياستها الاقتصادية هو توقيع 4 اتفاقيات للشراكة الاقتصادية الشاملة مع تركيا والهند وإندونيسيا وإسرائيل، ومن المتوقع أن تسهم الاتفاقيات الأربع في الناتج المحلي الإجمالي للدولة بما يزيد على 2.6% بحلول 2031، إلى جانب ذلك، استأثرت الإمارات بثلاثة مراكز ضمن قائمة عشرة صناديق استثمار سيادية هي الأكثر نشاطاً على مستوى العالم في 2022، ومن ضمنها «جهاز أبوظبي للاستثمار» بحسب الدراسة التي أجرتها شركة «جلوبال إس دبليو إف»، والتي بدورها ستولد تدفقات نقدية مستقبلية، تؤمّن حياة الأجيال الإماراتية القادمة. ثانياً، احتلت الإمارات المرتبة الأولى على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفقاً لمؤشر ثقة الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2023 الصادر عن «كيرني»، ما يؤكد بيئة أعمال جاذبة للاستثمار نتيجة الاستقرار السياسي والاجتماعي  الراسخ في الإمارات والذي يرتكز على قيم التسامح واحترام الآخر والتنوع الثقافي.

ثالثاً، ريادة الإمارات في المساعدات الخارجية التي حلت المرتبة الأولى لأعلى المانحين الدوليين للمساعدات الإنمائية مقارنة بالدخل القومي الإجمالي، لأربع مرات، ما ساهم ذلك في تشجيع الاستثمار مع مختلف الدول النامية، وتعزيز مكانة الإمارات الجيواقتصادية التي اختارت النأي عن الحروب، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في العمل اللائق ونمو الاقتصاد. رابعاً، الاستعداد للمستقبل في تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية مع الدول المتقدمة عبر بناء قدرات وطنية في عدد من القطاعات الحيوية في الفضاء والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي وغيرها.

متطلبات سياسات العولمة تجعل من السياسة الخارجية للدول الوسيلة الأهم في تحقيق مصالحها الاقتصادية، وعندما تزيد قوة الدولة الاقتصادية، يزداد دورها في تعزيز السلام والازدهار المستقبلي. وتعتبر «مجموعة العشرين» المنتدى الرئيسي للتعاون الاقتصادي الدولي، حيث يضم قوى اقتصادية من جميع القارات، وتلعب دوراً استراتيجياً في تعزيز النمو الاقتصادي العالمي، ولا يعتبر انضمام الإمارات تحدياً لها لكونها تركز على بيئة أعمال ديناميكية، وتواصل استقطاب العقول والمهارات.

*كاتب وباحث إماراتي