لإصلاح الضرر الذي أحدثناه على الكوكب، فإنه بالإضافة إلى تقليل كمية الكربون التي ستنبعث منا في المستقبل، يجب إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتخزينه في مكان آخر بشكل دائم. وتعتبر المحيطات وجهة جذابة للغاية.
يعد المحيط بالفعل أكبر بالوعة للكربون في العالم، ويحتوي على كميات من ثاني أكسيد الكربون أكثر مما هو موجود حالياً في الغلاف الجوي بمقدار 50 ضعفاً. وعلى الرغم من أن حريقاً هائلاً واحداً يمكن أن يقضي على عقود، إنْ لم يكن قروناً، من احتباس الكربون في الغابة، فإن الكربون المخزن في المحيط يكون أقل عرضة لخطر ما قد يسميه عالم الصواريخ «التفكيك السريع غير المخطط له»، بينما نتطلع إلى إزالة مليارات الأطنان من الانبعاثات التاريخية من الغلاف الجوي، فإن الحجم الهائل للمحيط، الذي يغطي 70% من سطح الأرض، يكون مفيداً.
تحظى عملية إزالة ثاني أكسيد الكربون من المحيطات (سي آر دي) بقدر كبير من الزخم، حيث تطالب المئات من الشركات الناشئة بالتمويل. ولكن كما أوضح بحث جديد من منظمة «كربون 180» المناخية غير الربحية، فإن هذا القطاع يتجاوز المعرفة العلمية والتنظيم.
يحدد البحث أربعة تحديات رئيسية يواجهها عند دراسة المحيطات: قاعدة معرفية صغيرة، وإدارة غير كافية، وتأثيرات بيئية واجتماعية غير مؤكدة، وعمليات رصد وتحقق متخلفة. تحتاج الحكومات إلى وضع سياسات من شأنها أن تساعد في تحقيق تقدم في البحث في هذه الأساليب ومنع المزيد من الضرر الذي يلحق بالنظم البيئية للمحيطات، والتي هي بالفعل في حالة هشة نتيجة التدخل البشري.
يسحب المحيط أطناناً من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، بعد أن يكون قد امتص حوالي 30% مما ينبعث من حرق الوقود الأحفوري حتى الآن. يمكننا دعم هذه العملية الطبيعية من خلال استعادة وحماية موائل وأنواع المحيطات. ولكن من المحتمل كذلك أن نحتاج إلى بعض طرق الإزالة المصممة هندسياً أيضاً:
- الالتقاط المباشر للمحيطات: هذا يشبه الالتقاط المباشر للهواء، إلا أنه بدلاً من سحب ثاني أكسيد الكربون من الهواء، فإنك تسحب الغاز من مياه البحر.
- تسميد المحيطات واستزراع الأعشاب البحرية: تعتمد هذه الأساليب على تسخير قوة التمثيل الضوئي لزيادة امتصاص الكربون في الطحالب - الأعشاب البحرية أو العوالق النباتية - قبل إغراق الكتلة الحيوية وتخزينها في قاع البحر.
- تحسين قلوية المحيط: من خلال استخدام معادن أو تفاعلات كهروكيميائية لزيادة قلوية المحيط، وتحسين قدرة المحيط على امتصاص ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
كل من هذه التقنيات له مزايا ومخاطر وسلبيات فريدة لا يزال العلماء يحاولون فهمها بالكامل. في حين أنه من السهل حساب كمية ثاني أكسيد الكربون التي أزالتها منشأة احتجاز مباشر للمحيطات وتخزينها (عبر عملية تُعرف باسم القياس والإبلاغ والتحقق أو MRV)، إلا أن ضخ المياه من خلال نظام مراقبة يتطلب أيضاً قدراً كبيراً من الطاقة. يعتبر نظام القياس والإبلاغ والتحقق من أجل تحسين القلوية أكثر تعقيداً، ولكنه يمكن أن يساعد في معالجة تحمض المحيطات، الذي يعتبر أحد الآثار الضارة لأزمة المناخ.
يعتبر إجراء عملية القياس والإبلاغ والتحقق بشكل صحيح أمراً بالغ الأهمية لضمان أن يكون لهذه التقنيات تأثير إيجابي على المناخ. لكنها واحدة من أكبر فجوات المعرفة في عملية إزالة ثاني أكسيد الكربون من المحيطات. أنشأ «ديفيد هو»، أستاذ علم المحيطات بجامعة هاواي، منظمة «وورثي» Worthy، وهي منظمة غير ربحية، لتطوير طرق القياس والإبلاغ والتحقق لمجموعة من تقنيات إزالة ثاني أكسيد الكربون من المحيطات. إنها مهمة معقدة. يوضح «هو» أن المحيط هو نظام مفتوح هائل، ويمكن أن تحدث عملية إزالة ثاني أكسيد الكربون من المحيط على مدى فترات طويلة من الزمن، مما يجعل من الصعب تقييمها.

يجادل «فاسيليس كيتيديس»، من مختبر بليموث البحري، بأن المحادثة ربما تركز على ثاني أكسيد الكربون أكثر من اللازم. يمكن أن تؤدي بعض طرق إزالة ثاني أكسيد الكربون من المحيطات - خاصة تلك التي تعتمد على نمو الكتلة الحيوية - في الواقع إلى زيادة انبعاثات غازات الدفيئة الأخرى الأكثر قوة، مثل الميثان وأكسيد النيتروز. يقول كيتيديس: «يمكن أن ينتهي بك الأمر في موقف ضار حيث تقوم بتخزين الكربون ولكنك تساهم في الاحتباس الحراري». إنه تذكير بأنه قبل طرح أي شيء على نطاق واسع، هناك عالم كامل من المجهول ينبغي الاطلاع عليه.
يؤكد بحث منظمة كربون 180 أيضاً على أهمية التعامل مع المجتمعات الساحلية. تُجري شركة «بلانيتاري تكنولوجيز» Planetary Technologies، وهي شركة كندية متخصصة في إزالة ثاني أكسيد الكربون من المحيطات، اختبار تحسين قلوية المحيطات في كورنوال بإنجلترا، لكنها واجهت احتجاجات وانتقادات من المجتمع المحلي. يتضمن الاختبار إضافة هيدروكسيد المغنيسيوم إلى المحيط عبر أنبوب الصرف الصحي. لم يشعر «هو» ولا «كيتيديس» (الذي عمل مع الشركة الناشئة كمراقب مستقل) بالقلق بشأن الآثار البيئية لاستخدام المادة الكيميائية، التي تُستخدم بالفعل على نطاق واسع في مضادات التعرق ومعالجة مياه الصرف، بجرعات منخفضة. لكن من المفهوم أن السكان المحليين شعروا بالريبة من الاختبارات.
هناك حافز للشركات للتوسع بسرعة حتى تتمكن من البدء في الحصول على أرصدة الكربون في السوق وتحقيق عوائد للمستثمرين. يمكن أن يساعد التمويل الحكومي للبحث في معالجة هذه المشكلة، حيث يمكن أن تتعلم الشركات الناشئة دون الشعور بالحاجة إلى استرداد الأموال. تقدم خطة مراكز احتجاز الهواء مباشرة للولايات المتحدة نموذجاً، بتمويل قدره 3.5 مليار دولار لتطوير مرافق واسعة النطاق.
يجب أن تكون الأولوية بالنسبة للجميع هي إزالة الكربون بسرعة. ولكن إذا تم تنفيذها بشكل صحيح، فإن إزالة ثاني أكسيد الكربون من المحيط يمكن أن تساعد في تصحيح بعض أخطائنا التاريخية.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»