يقودنا الفوز المحتمل لدونالد ترامب بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية لعام 2024 إلى القول بأن يوم الانتخابات في 5 نوفمبر 2024، سيكون يوماً يحاسب فيه الشعب الأميركي أحد رؤسائه السابقين على أفعال من صنع يديه. 

في العام الماضي، ألغت المحكمة العليا قراراً يتعلق بحق الإجهاض، في خطوة مذهلة ألغت حقاً أساسياً ترسخ منذ أكثر من 50 عاماً. ويتحمل ترامب المسؤولية عن هذا التراجع الواضح على مسار مساواة المرأة واستقلالها. فقد رشح ترامب القضاة الثلاثة، وهم نيل إم جورساتش وبريت كافاناه وإيمي كوني باريت، الذين انضموا إلى رئيس القضاة جون جي روبرتس الابن والقضاة كلارنس توماس وصمويل أليتو الابن في التصويت لدعم القانون المقيد لحق الإجهاض. ولم تكن ترشيحات ترامب الثلاثة مصادفة، ذلك أنه حين كان مرشحاً رئاسياً تعهد بتعيين قضاة المحكمة العليا الذين سينقضون قرار الحق في الإجهاض، وقد وجد ما يريده بالضبط في جورساتش وكافاناه وباريت.
ولا غرابة في أن ترامب قد رشح أيضاً ماثيو كاكسماريك، القاضي الاتحادي الذي يتخذ من تكساس مقراً له، والذي كان شديد الحماسة لمناهضة الإجهاض، وقد أسقط موافقةَ إدارة الغذاء والدواء القائمة منذ 23 عاماً على عقار ميفبريستون للإجهاض. ويخضع قرار كاكسماريك المناهض الإدارة الأميركية للأغذية والعقاقير للاستئناف، إلى جانب قراره ضد إرسال عقاقير الإجهاض عن طريق البريد أو أي خدمة توصيل أخرى بموجب أحكام قانون يعود لعام 1873. لكن النساء يجدن أنفسهن الآن في مواجهة موقف آخر بسبب ترامب. لذا فالرئيس السابق، والمرشحون المدرجون على ورقة الاقتراع الذين يوافقون على إلغاء حق المرأة الدستوري، يستحقون محاسبةً يوم الانتخابات في 5 نوفمبر 2024. 
وقد يكون ذلك اليوم أيضاً لحظة عواقب بالنسبة لأمة ما زالت تحاول استيعاب أعنف هجوم على مبنى الكونجرس منذ حرب عام 1812. فقد سعى تمرد السادس من يناير 2021 إلى وقف التصديق على نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2020 التي خسرها ترامب. ولا تزال التداعيات تتكشف من انتهاك مبنى الكونجرس. ووجّه الادعاء الأميركي اتهامات لأكثر من 1000 شخص. واعترف نحو 600 شخص بذنبهم. وهذا الرقم سيرتفع، إذ أشار زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ آنذاك ميتش مكونيل، وهو جمهوري من ولاية كنتاكي، صراحةً إلى ترامب لمساعدته في التحريض على الهجوم. وقال ماكونيل في مجلس الشيوخ: «الغوغاء تغذوا بالأكاذيب. لقد استفزهم الرئيس وأصحاب النفوذ الآخرون». 
ونعلم أيضاً أن ترامب استفز مؤيديه بادعاءاته حول تزوير الانتخابات، وهي ادعاءات خطيرة ما زال يكررها إلى اليوم. لكن عواقب تحريض ترامب كانت أكبر من اقتحام مقر وطني له قدسيته. كانت، كما لاحظت رابطة مكافحة التشهير، «نقطة انعطاف للتطرف في أميركا». وكان السادس من يناير أحد تلك اللحظات النادرة في تاريخ الولايات المتحدة، إذ تضافر فيها التطرف والكراهية والتضليل، بغية إنتاج سموم ما زالت تنتشر في جسدنا السياسي. وترامب يتحمل مسؤولية صنع هذه اللحظات التي تهدد الديمقراطية وما تزال مستمرة حتى يومنا هذا. وقد يكون للمحاكم ودواليب العدالة كلمتها فيما يتعلق بالرئيس السابق. لكن إذا وصل ترامب إلى يوم الانتخابات، فستكون هذه مناسبة أهدتها السماء للأمة الأميركية لمحاسبته على أفعاله وما تمثله من تهديد لقيم الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة وتقرير المصير. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»