تُغير رقعة القمامة سيئة السمعة في المحيط الهادئ، توازن الحياة في البحار، إذ استعمر ما لا يقل عن 37 نوعاً من الكائنات الساحلية - الديدان وسرطان البحر والمحار وما شابه – مخلفات متشابكة من البلاستيك، وحولتها إلى موطن عائم اصطناعي. وتظهر النتائج، التي أوردتها مجلة «الطبيعة البيئية والتطور»، في الأسبوع الماضي، كيف تعاملت مجموعة متنوعة من الكائنات المنبوذة مع قمامتنا كما لو كانت سفينة نوح الخاصة بها. لكن ليس في الأمر ما يدعو إلى البهجة، ويجب أن يكون صيحة تحذير لفرض قيود أقوى وأكثر إلزاماً تمنع تحويل المحيطات إلى مستودع لمخلفاتنا البلاستيكية. 
ويشعر العلماء بالقلق من البلاستيك الذي امتصته أجساد الكائنات الحية التي تعيش في المحيط، والتي ستنتقل إلى السلسلة الغذائية. ويشعرون بالقلق لأن المخلفات البلاستيكية تتحول إلى ناقل لأنواع قد تصبح غازية لمناطق أخرى يمكن اعتبارها موائلها الجديدة، مما يقضي على أشكال أخرى للحياة. ورقعة القمامة، التي توصف غالباً بأنها جزيرة عملاقة من البلاستيك، ليست كتلة متماسكة وإنما مجموعة شاسعة من المواد البلاستيكية من زجاجات وفراشي الأسنان وشبكات صيد الأسماك. وتجمعت في رقعة واحدة في منتصف شمال المحيط الهادئ بفضل الدوامات. وجمعت دوامات أخرى رقعاً مماثلة من القمامة لكنها أقل شهرة، من بينها رقعة بالقرب من جزيرة «إيستر» في جنوب المحيط الهادئ. والرقعة الموجودة في شمال المحيط الهادئ هي الأكبر بكثير. 
وعندما أبحر الباحث والناشط «ماركوس إريكسن» عبرها، رأى أفقاً ممتداً من المياه التي تغير لونها بسبب التلوث من الجسيمات البلاستيكية، ويُطلق على رقعة القمامة اسم «الضباب البلاستيكي». وإريكسن مؤسس جماعة «معهد 5 جيرز» في كاليفورنيا. ويقدر هو وزملاؤه في دراسة نشرت الشهر الماضي في نشرة «بلوس وان» أن الضباب البلاستيكي في أنحاء العالم يشتمل على ما يصل إجمالاً إلى 170 تريليون قطعة. 
جيمس كارلتون، أستاذ علوم البحار في جامعة وليامز والذي شارك في إعداد الورقة البحثية عن الأحياء كان يدرس الأنواع الغازية على طول الساحل الغربي للولايات المتحدة، عندما بدأ يرى، في عام 2012، أطوافاً ضخمة من الحطام تتضمن كائنات ساحلية عبر المحيط الهادئ. وأدرك هو وزملاؤه أنهم كانوا يرون أنقاض موجة المد التي ضربت فوكوشيما في اليابان في عام 2011. 
على مدى التاريخ الجيولوجي، جلبت الأطواف العائمة من الأنقاض الطبيعية الكثير من الكائنات الحية إلى الجزر - السحالي والضفادع إلى هايتي، والقواقع البرية إلى هاواوي السلاحف إلى جزر جالاباجوس، وهو ما يحدث الآن على نطاق زمني متسارع بدرجة كبيرة. ونظراً لأن الأطواف الطبيعية مكونة من مواد قابلة للتحلل، لم تتمكن من أن تسبح عبر المحيطات الشاسعة. قال كارلتون «كنت أقول لطلابي إنه إذا جُرفت أنواع ساحلية إلى البحر فإنها تكون رحلة بلا عودة». وأضاف «لا يوجد ما تقتات عليه هناك، ولم تكن بيئة يمكن لأحد أن يبقى فيها». لقد غيرت مشكلة البلاستيك ذلك. 
يمكن لأي أنواع أن تصبح غازية كونها تنتقل من خلال بعض الوسائل الاصطناعية. بعضها سيفنى في موائلها الجديدة، لكن البعض الآخر سيتفوق على الكائنات المحلية ويغير من النظام البيئي المتنوع ويجعله نظاماً أحادياً. أو أنها قد تحمل طفيليات تقضي على الأنواع المحلية. وتميل الأنواع الغازية لأن تكون عمومية، وتقضي على صور الحياة الأكثر تخصصاً، مما يترك لنا غذاء بحرياً أقل لإطعام العالم، وجمالاً وتنوعاً أقل. ويعتقد إريكسن أنه بينما حاولت بعض الجماعات جرف رقعة القمامة، فإن ذلك غير مجد. الأهم هو الامتناع عن الإضافة إلى الفوضى التي حدثت – ومن المرجح أن ذلك سيتطلب معاهدة دولية جديدة تفرض عقوبات على من يلقون القمامة في البحر. وقال إن نحو نصف المخلفات هي شبكات الصيد ومعدات أخرى. وأحد السبل لإزالة ذلك هو مكافأة الصياد الذي ينتشل المعدات التي ألقاها آخرون أو فقدت. ويمكننا أن نندهش لإصرار الكائنات الصغيرة التي تمكنت من البقاء في رقعة القمامة. لكننا سنكون أفضل حالًا إذا بقت في الأماكن التي تنتمي إليها. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»