في حديثه خلال القمة العالمية للحكومات، والمنعقدة مؤخراً في دبي، قال إيلون ماسك إن أنظمة التعليم بحاجة إلى تطوير جذري، بما في ذلك تخفيض عدد سنوات المراحل التعليمية، وتغيير طرق تلقي التعليم، سواء أكان تعليماً مدرسياً أم تعليماً جامعياً، فكلاهما بات من الضروري تغيير طرائقه التربوية ومُدده الزمنية.
فهل جودة التعليم مرتبطة حتماً بعدد أيام التمدرس؟ الحقيقة أن عدد الأيام الدراسية هو مجرد رقم، والأهم منه هو عدد ساعات الإنجاز في اليوم الدراسي الواحد، وكمية ونوعية المعارف والمعلومات التي يكتسبها الطالب خلال ساعات اليوم الدراسي.
ولعل المعلم هو مقياس نجاح أو فشل العملية التعليمية برمتها، فمهما كانت الميزانيات المرصودة للتعليم، والجهود المبذولة لتطويره، يظل المعلم هو الأصل والأساس وهو العامل الأول والأهم في نجاح العملية التعليمية وفشلها.
الميدان التعليمي اليوم بحاجة ماسة إلى التركيز على جودة مخرجات العملية التعليمية، وهو ما يتوقف حتماً على نوعية المعلم نفسه، فلم تعد كلية التربية، رغم أهميتها، كافية لتكوين معلم ناجح وكفء وقادر على تأهيل أجيال من الطلاب المتميزين.
ولابد للمعلم الإماراتي بالخصوص أن تكون هويته الإماراتية عنواناً لكل ما يقوم به، فتجذير الهوية وترسيخ الوعي بها عامل مؤسس وفعال في بناء شخصية طفل منتم وواثق من قدراته.
والهوية الراسخة في أعماق لغة عظيمة وجميلة مثل اللغة العربية، ستسهم بالضرورة في تشكيل إنسان هذا المكان وتأهليه لخوض غمار المستقبل، مسلَّحاً بهويته الثقافية والدينية وبقيمه الأخلاقية، لأنه في المدرسة يتعلم على يد معلم يعرف تمامَ المعرفة كيف يعزز القيم والأخلاقيات التي تشكل مجتمعاً سليماً ومعافى وتتمتع فيه الأسرة بوحدتها الصلبة.
معلمو الميدان اليوم هم أكثر مَن يمكن التعويل عليهم لتطوير التعليم والدفع بعجلته نحو المستقبل. فالخبرة الميدانية وقدرات الميدانيين على التنبؤ بالمستقبل.. مهمتان للغاية في إدارة المشكلات ومواجهتها استباقياً، كما أنهما مهمتان في وضع الخطط ورسم الأهداف بناءً على احتياجات الطالب وميولاته.
وإن الحل الأسهل والأجدى والأكثر نفعاً في المجال التربوي والتعليمي هو التعامل مع الواقع من خلال مَن عايشوه ميدانياً بكل همومه وطموحاته.
الكفاءات التربوية الإماراتية متوفرة في وقتنا الحالي، وقد أصبحوا من الناحية الكمية والكيفية نموذجاً يُحتذى به لدى دول حققت نجاحاتها من خلال التعليم. والميدان التربوي التعليمي الإماراتي يزخر بخبرات تربوية كافية لتحقيق طموحات إيلون ماسك، بل والذهاب إلى أبعد منها في مجال التطوير التعليمي والتربوي.
لا يكتفي التعليم أبداً بما هو عليه في أي وقت، فهو رافد للتطور ولتوليد الطموحات الكبيرة، وهو القاطرة الأقوى التي تذهب بنا نحو المستقبل الأفضل، وهو في جوهره معلم أولاً وأخيراً.