أصبح النائب الجمهوري كيفن مكارثي (من ولاية كاليفورنيا) رئيساً لمجلس النواب الأسبوع الماضي، بعد الموافقة على قواعد جديدة من شأنها أن تمنح مزيداً من السلطة للأعضاء مع إضعاف موقعه. وتتناقض المشاحنات التي سبقت انتخاب مكارثي وكشفت عمق الانقسام داخل الحزب الجمهوري مع الأسلوب المؤسسي المُحكم الذي كانت تدير به رئيسة المجلس السابقة نانسي بيلوسي («ديمقراطية»). وبالنسبة للكثيرين، فقد أثار الاضطرابُ داخل الجمهوريين مخاوفَ من أن مجلس النواب يتجه نحو عامين من الخلل الوظيفي، بما في ذلك احتمال إغلاق الحكومة ومواجهة سقف الديون التي يمكن أن تضر بالاقتصاد الأميركي.
لكن عدداً من الجمهوريين يؤكدون أن «المفاوضات الحماسية» فتحت الطريقَ لإدارة مجلس النواب بشكل أكثر ديمقراطيةً. وقد يبدو هذا فوضوياً في بعض الأحيان، لكنه في النهاية سيسمح لمزيد من الأعضاء بتشكيل القوانين التي يصدرها الكونجرس، وهو ما يمثل انتصاراً للشعب الأميركي، على حد قولهم.
وفي هذا الاتجاه يقول النائب ماريو دياز بالارت (جمهوري من فلوريدا): «ما كنا نشهده جميعاً في مجلس النواب برئاسة بيلوسي أن شخصاً واحداً يُملي كل شيء.. لقد ولَّت تلك الأيام، وهذا شيء جيد». وأضاف: «الدكتاتوريات أكثر كفاءةً، لكن في ظل الديمقراطية، تحصل على نتائج أفضل بكثير».
ويبقى أن نرى ما إذا كان رئيس مجلس النواب مكارثي قادراً بالفعل على تحقيق نتائجَ أفضل. سيكون الاختبار الأول هو التصويت على حزمة القواعد التي ستحدد كيف سيدير الحزب الجمهوري مجلس النواب. وسط تصاعد الاستقطاب في السنوات الأخيرة، وعد رؤساء مجلس النواب السابقون (الديمقراطيون والجمهوريون) باتباع أسلوب حكم أكثر ديمقراطيةً، لكنهم سرعان ما تراجعوا عندما استغل بعضُ الأعضاء الفرصةَ لإحداث فوضى.
وجدير بالذكر أن مجلس النواب، الذي يهدف إلى عكس مشاعر الشعب من خلال 435 نائباً، هو غرفة أكثر صعوبة للسيطرة عليها من مجلس الشيوخ المكون من 100 عضو. إنه توازن جيد بين جعل العملية أكثر ديمقراطية وإيقاف كل شيء مع إجراء مداولات على مدار الساعة بشأن التعديلات التي لا نهاية لها. ويعد الجمع بين فصائل الحزب أمراً صعباً بشكل خاص بالنسبة لرؤساء المجلس عندما تكون لديهم مثل هذه الأغلبية المحدودة.
ويقول نورمان أورنشتاين، الباحث الفخري في معهد أميركان إنتربرايز بواشنطن: «كانت بيلوسي تفعل ذلك ببراعة». ويضيف أن الأمر أكثر صعوبةً بالنسبة لمكارثي، لأن الكثيرين في أقصى اليمين «لا يهتمون كثيراً بالمؤسسة»، وسيكون من الصعب جداً إبقاءهم تحت السيطرة. بالإضافة إلى ذلك، يسيطر الديمقراطيون على كل من مجلس الشيوخ والبيت الأبيض، وسيحتاج مكارثي إلى العمل معهم لإنجاز أي شيء. ويؤكد أورنشتاين: «سيكون الأمر صعباً على أي شخص»، لكنه يضيف أنه لم ير قَطُّ قائداً أضعف من مكارثي.
على مدى القرن الماضي كان مجلس النواب ينتخب رئيسه في أول اقتراع. لكن الأمرَ هذه المرة تطلَّب من مكارثي 15 جولة من التصويت للحصول على المطرقة، وذلك على الرغم من أسابيع المفاوضات التي سبقت اليوم الافتتاحي للكونجرس الأسبوع الماضي. عرقل حوالي 20 عضواً يمينياً محاولتَه لأيام، بحجة أنه صاحب رؤية محدودة وأنه سيكون مديناً للوضع الراهن، مما يؤدي إلى تهميش أولويات المحافظين. ومع فشل محاولة مكارثي وطرح أسماء أخرى لقيادة التجمع الحزبي الجمهوري الصاخب، ازداد غضب مؤيدي مكارثي إزاء الرافضين له.
وقال النائب دان كرينشو (جمهوري من تكساس) إنه رفض التصويتَ لأي شخص آخر على أساس أن أعضاء كتلة الحرية يجب ألا يكونوا قادرين على إملاء جدول الأعمال. 
في النهاية، قدم مكارثي سلسلةً من التنازلات لإقناع الرافضين. حزمة القواعد الجديدة، كما تم نشرها من قبل لجنة القواعد، تخفض حد القيام بتصويت على إقالة المتحدث. وبالإضافة إلى ذلك، فإنها تضمن عدم إمكانية رفع حد الدين بدون تصويت صريح في مجلس النواب، وتطبق نهجاً في مجال الميزانية هو «الخفض أولا بأول» بدلاً من «الدفع أولا بأول»، وتضع حدوداً للإنفاق، وتتطلب أغلبية ثلاثة أخماس المجلس للموافقة على أي زيادات ضريبية. وبموجب القواعد الجديدة يتم إنشاء لجنة فرعية محددة للتحقيق في أصول «كوفيد-19»، وتأثير السياسات المختلفة حول الوباء بما في ذلك تطوير اللقاح، وإنشاء لجنة فرعية أخرى للنظر في ما تصفه قيادة الحزب الجمهوري بـ«تسليح الحكومة الفيدرالية لأغراض سياسية».
وأشاد المحافظون بالتنازلات الأخرى أيضاً، والتي لا يبدو أنها واردة في حزمة القواعد. لقد قدّمت النائبةُ آنا بولينا لونا (جمهوريّة من فلوريدا) بعض النقاط البارزة في مذكرة، قائلةً إنها فتحت الطريق لـ«إحداث بداية تحول في بلدنا».
إن التغيير المؤسسي الرئيسي الذي يروّج له جمهوريو مجلس النواب هو تحويل بعض السلطة من رئيس المجلس إلى اللجان المختصة، والتي كانت تاريخياً تقترح وتنقح مشاريع القوانين قبل عرضها على الحضور. يقول النائب مارك أمودي من نيفادا، وهو عضو آخر في لجنة التخصيصات: «دَعونا نجعل اللجان ذات مغزى مرة أخرى».
ومن المرجح أن يكون الاختبار الرئيسي لمكارثي حين يصبح الإنفاق الأميركي على وشك تجاوز حد الدين المصرح به حالياً، والبالغ 31 تريليون دولار، وهو الحد الأدنى المتوقع تجاوزه في وقت ما بعد الأول من يوليو. قال المحافظون إن أي زيادة في حد الديون يجب أن تكون مصحوبةً بخفض في الإنفاق. وإذا دخل النواب الجمهوريون في مواجهة مطولة أخرى، فقد يؤدي ذلك إلى إضعاف التصنيف الائتماني لأميركا أو ربما يغرِق حكومةَ الولايات المتحدة في التخلف عن السداد.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»