تسجيلات الحديث العنصري لأعضاء مجلس مدينة لوس أنجلوس محزنة وتنتمي لزمن كنا نظنه قد ولّى. وواضح أن هؤلاء المناضلين السابقين في الكفاح القديم من أجل تمكين اللاتين فشلوا في فهم كيف يعيد اللاتينيون اليوم، ولاسيما فئة الشباب منهم، تعريفَ الحياة السياسية المبنية على الهوية بطرق سنراها في نتائج الانتخابات النصفية. 
هذا الجيل الأكبر سناً من الزعماء اعتمد على النمو السكاني الخام للوصول إلى السلطة. والواقع أن العديد من المناضلين والمحللين ما زالوا يروّجون لفكرة «العملاق النائم» الشائعة عن اللاتين باعتبارهم كتلة دائمة النمو. هذا بينما يصوّرهم آخرون باعتبارهم «ناخبين متأرجحين» ينبغي التنافس للفوز بدعمهم. والحال أن كلا النظرتين تقلّلان من شأن تنامي تطلعات اللاتين السياسية. 
عدد الناخبين اللاتين الذين تحق لهم المشاركة في الانتخابات قفز من 14.3 مليون في عام 2000 إلى 34.5 مليون هذا العام. وهذا النمو صاحبه توزيع جغرافي وتقسيم اقتصادي. وتتجاوز الاختلافات الناتجة عن ذلك الفوارقَ القائمة على الأصول الوطنية – الكوبيون مقابل المكسيكيين، مثلا – وما شابه. فالكيان اللاتيني الجديد «مصنوع في الولايات المتحدة» بالكامل. 
ولا شك أن الظروف المحلية والاتجاهات الوطنية تؤثّر على الناخبين اللاتين قدر تأثيرها على غيرهم. وعلى الرغم من أن «الديمقراطيين» يجذبون أغلبية واضحة منهم منذ عقود، إلا أن الانتخابات الأخيرة تمنح «الجمهوريين» أملاً في القدرة على تغيير تلك الدينامية. بل يمكن القول إن هناك تغييرات أكبر مقبلة. 
ففي أوائل عقد الألفينات، انتقل محرك النمو اللاتيني من المهاجرين الوافدين إلى المولودين في أميركا. وهذا الجيل الجديد بدأ يترشح للمناصب الآن ويصوِّت، مع تأثيرات لافتة على كلا الجانبين. 
أحد السياسيين من أعضاء مجلس مدينة لوس أنجلوس قال ضمن تسجيل صوتي إنه من الضروري ألا يأخذ السود «مقاعدَ اللاتين». وبعد مسار سياسي طويل امتد ل40 عاما وتخللته إنجازات لافتة، خسر «جيل سيديو»، 68 عاما، الانتخابات التمهيدية أمام مرشحة تصغره بأكثر من نصف عمره. وبدلاً من أن تروِّج لهويتها اللاتينية وتستغلها، عملت «يونيسيس هيرنانديز» على حشد ائتلاف متنوع حول أجندة مناهضة للمؤسسة السياسية أثبتت نجاحها لـ«الديمقراطيين» التقدميين في أماكن أخرى. 
وفي غضون ذلك، تخوض أميركيات مكسيكيات شابات، بالمثل، حملات ضد المؤسسة السياسية المحلية في جنوب تكساس. جميعهن يتنافسن على مقاعد يشغلها «ديمقراطيون» من أصول لاتينية منذ عقود. وعلى غرار هيرنانديز -- ولكن على الطرف الآخر من الطيف الإيديولوجي -- تعرض هؤلاء «الجمهوريات» تحولاً جيلياً ورسائل جديدة لمعالجة الاستياء من الظروف المحلية. 
وفي لوس انجلوس، التقطت هيرنانديز مشاعر القلق في حي يشهد عملية تطوير عقاري سريع على حساب السكان المحليين عبر التنديد بسياسي لاتيني من الحرس القديم قالت إنه مرتهن لشركات التطوير العقاري. 
وفي الأثناء، يُظهر استطلاع حديث للرأي اختلافات مهمة بين اللاتين حول الإجهاض حسب السن والتعليم والانتماء الديني، اختلافات باتت تعكس تقريبا عامة السكان. فالناطقون بالاسبانية المولودون في الخارج أكثر ميلاً إلى القول بضرورة تجريم الإجهاض من الناطقين بالانجليزية المولودين في الولايات المتحدة. ذلك أن التعرض الكبير للحياة السياسية الأميركية يؤدي إلى انقسامات مماثلة لتلك الموجودة لدى عامة الجمهور. 
انقسام قوي حسب النوع آخذ يتبلور حالياً بين اللاتين، على غرار ما حدث قبل وقت طويل مع البيض. فقد وجد استطلاع للرأي شمل الناخبين المسجلين أن الذكور اللاتين يفضّلون «الجمهوريين» بقرابة 20 نقطة (41 في المئة إلى 22 في المئة) مقارنةً مع الإناث اللاتينيات. والجدير بالذكر هنا أن هوامش مماثلة حسب النوع وُجدت بخصوص معدلات عدم التأييد الشعبي للرئيس بايدن، والتأييد الشعبي لدونالد ترامب، ومواقف الجمهوريين من الهجرة والاقتصاد. 
غير أن التحول الجيلي هو أقوى عامل يساهم في تشكيل الهويات السياسية اللاتينية، وتلك العملية بدأت للتو. فحتى الآن، اللاتين الشباب غير منخرطين سياسياً، على غرار آخرين من هذه الفئة العمرية. إذ وجد استطلاع حديث للرأي أن اللاتين الذين في العشرينيات من أعمارهم أقل ميلاً بالنصف من مجموعة أجدادهم العمرية إلى القول إنهم مهتمون بالانتخابات. 
ويستطيع «الجمهوريون» إيجاد بعض الأخبار السارة في استطلاع الرأي، ذاك على اعتبار أن معدل التأييد الشعبي لبايدن كان أقل ب15 نقطة بين الشباب اللاتين مقارنةً مع من يكبرونهم سناً. كما تبين أن الناخبين الأكبر سناً المولودين في كوبا «جمهوريون» أقحاح. هذا في حين أن أطفالهم الشباب المولودين في الولايات المتحدة منقسمون بالتساوي تقريبا، على غرار بقية البلاد. 
الآن تخيل المستقبل: إن نصف اللاتين المولودين في الولايات المتحدة تقريبا تقل أعمارهم عن 18 عاما، أي أكثر من ضعف نسبة البيض المولودين في أميركا. وهؤلاء الناخبون المقبلون مواطنون رقميون ونتاج المدارس الأميركية، غير أن الكثير منهم تربوا ونشأوا مع إرث المهاجرين. كما أن حوالي نصفهم يتنقلون بين الإسبانية والإنجليزية بيسر. وثقافياً، يتزوجون من المجموعات الإثنية الأخرى، ذلك أن قرابة 4 من أصل كل 10 لاتين مولودين في أميركا متزوجون من أشخاص من غير اللاتين. 
العشرون عاما الماضية تُظهر أن النمو السكاني يُنتج مصالح مختلفة بدلاً من التماسك. كما تخبرنا الانتخابات النصفية بأن لاتينيي اليوم لا يعرِّفون أنفسهم بالولاءات الحزبية البسيطة أو بالطرق القديمة للسياسة القائمة على الهوية. وعليه وبدلاً من التخمين بشأن اختياراتهم السياسية المستقبلية، علينا أن نتساءل كيف أخذت حياتنا السياسية، سريعة الانتشار والمثيرة للانقسام، تؤثِّر عليهم اليوم! 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست نيوز سينديكيت»