التفوق الرقمي والتقني والعلمي، هو المبدأ السابع من مبادئ الخمسين سنة القادمة مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة نحو المستقبل.
هذا المبدأ ينص بأن: «التفوق الرقمي والتقني والعلمي لدولة الإمارات سيرسم حدودها التنموية والاقتصادية، وترسيخها كعاصمة للمواهب والشركات والاستثمارات في هذه المجالات سيجعلها العاصمة العالمية للمستقبل».
هذا المبدأ متشعب وعديد الجوانب، فهو يغطي بشكل أساسي تطلعات الإمارات وطموحاتها في ثلاثة مجالات مهمة، هي التفوق الرقمي والتقني والعلمي جاعلاً منها الراسم لحدودها التنموية والاقتصادية وعاصمة لاستقطاب المواهب والشركات والاستثمارات وسيجعلها عاصمة عالمية للمستقبل.
ومن ينظر إلى هذه الطموحات الكبرى سيعتقد بأنها صعبة المنال والتحقيق، لكن ذلك غير وارد في فكر وقاموس دولة الإمارات، فالطموحات الكبرى أمر معهود لدى أهلها، وهي حق مشروع لهم لكي يمارسوه ويحققوا ما يستطيعون تحقيقه منها.
هذا المبدأ هو منهج فلسفي جديد لدولة الإمارات وأهلها يطرق التنمية المستقبلية وآليات تحقيقها لتغيير واقع الإنسان الذي يعيش على هذه الأرض، سواء كان مواطناً أو وافداً مقيماً، ويحمل في طياته إشارات إلى نبذ الجمود في مسارات العملية التنموية، فالحاضر وإنْ كان جميلاً لا يجب التوقف عنده إنما النظر إلى المستقبل وتحقيق أفضل ما يمكن تحقيقه على أسس من التفوق العلمي والرقمي والتقني.
ودولة الإمارات لها كامل الحق في أن تكون لديها نظرة ثاقبة، وإن كانت تنطوي على رؤية فلسفية وحلماً جميلاً، فالتقدم في المجالات الثلاث التي يشير إليها المبدأ تتيحان لها استخدام منهجية البحث المستقبلي الرصين للتوصل إلى نتائج مستقبلية علمية واضحة وفق نماذج من البحث العلمي الذي يشتمل على وسائل بحث معملية ونظرية وحسابية وإحصائية ومعادلات تنتمي إلى الرياضيات والفيزياء والفلك، وفكر منهجي ينتمي إلى كافة العلوم الاجتماعية والإنسانية والقانون والتاريخ والفلسفة.
ومما لا شك فيه أن البشرية جمعاء تعمل على الاستفادة من هذه المنهجية، وهي تزداد انتشاراً على مدار العالم، لكن السبق فيها سيكون لمن لديه العزيمة الأكبر المقرونة بكم هائل من الإمكانيات المادية والبشرية، وهي وآلياتها المعهودة تشكل تجسيداً للنظرة المستقبلية للقضاء على معضلات التنمية الشاملة المستدامة لدى دول العالم أجمع، لكنها لدى دولة الإمارات بشكل خاص هي أولوية إنسانية، فهي تنظر إليها من زاوية أن الإنسان على وجه الكرة الأرضية يجتاز أزمة في قدرته على تحقيق التنمية بشكل صحيح، فهناك طفرة واستنزاف واحتكار لدى بعض الأمم يقابله عوز وحرمان وهدر لدى أمم أخرى، وعليه، فإن فلسفة الإمارات في مبدئها السابع تكمن في الرغبة في محو هذا التناقض الصارخ بين الأمم التي تملك، وتلك التي لا تملك، وهي معادلة تبدو مستعصية الحل، لكن الإمارات تريد خلق مقاربة بين الواقع القائم وبين المستقبل لنقض هذا التناقض، وخلق مستقبل مشرق جديد لكافة أبناء البشرية بدءاً بنفسها كدولة تنظر إلى المستقبل المشرق بكل همة وجسارة وإمكانيات.
في هذا المبدأ استوقفني كثيراً موضوع المواهب، بمعنى استقطاب العقول البشرية المبدعة والخلاقة، فالإنسان وعقله هو القيمة التنموية العليا، وتعمل كافة الدول المتقدمة، خاصة دول الغرب المتقدمة باستقطاب العقول البشرية من كل مكان تستطيع الوصول إليهم فيه، وما تنشده دولة الإمارات، هو الشيء ذاته، وهذا شيء من بعد النظر في استقطاب العقول البشرية العربية في المقام الأول.
ففي العالم العربي لدينا معضلة كبرى في هذا السياق، فالأدمغة العربية تهاجر إلى الغرب منذ منتصف القرن العشرين ولا يزال النزيف قائماً، فلماذا لا يفتح لها المجال وتهيء لها الإمكانيات لكي تنزح إلينا.
والمهم في الأمر هو أن المجتمعات التي تستطيع استقطاب الأدمغة الخلاقة والمبدعة هي المجتمعات الحية التي تكون أقدر على مثل هذا الاستقطاب.
لذلك، فإن دولة الإمارات مدركة بأن استقطاب العقول البشرية من كافة أركان الأرض هي عملية عقلانية مفيدة، لأنها ستجلب هذه العقول وهي جاهزة لكي تسهم في عملية التنمية المستقبلية.
كاتب إماراتي