في شهر رمضان المبارك من كل عام يعرض برنامج «قلبي اطمأن» للشاب الإماراتي المبدع «غيث»، وذلك منذ عرضه لأول مرة في عام (2018)، ليحقق هذا العام أعلى نسبة مشاهدة من المتابعين بفضل التميز الذي طبعه كعمل تطوعي مؤثر ومبهر.

فهذا البرنامج الإنساني الرائع الذي يعرض على قناة أبوظبي وقنوات أخرى، في نفس اليوم، هو برنامج إنساني خيري مبدع في فكرته وأسلوبه ورسالته، وهو عمل نبيل مشرِّف ومفرح لجمهور الخيّرين.

وقد زار غيث حتى الآن، من خلال برنامجه الذي اكتسب شهرةً متزايدةً، إحدى وعشرين دولةً عربيةً وآسيويةً، وذلك على مدى خمسة أعوام متواصلة، حيث التقى بالكثير من الفقراء والمهجَّرين واللاجئين المتضررين جراء الحروب والاضطرابات.

يلتقي البرنامج مع شاب يتيم بلا مأوى، أو مع رجل طاعن في السن شردته الحربُ وشتت شملَه العائلي، أو مع عائلة فقيرة معدمة لا معيلَ لها.. يقابلهم جميعاً من دون أن يَظهَر وجهه، خلال البرنامج الذي يبق على مدى 8 دقائق فقط، لكنها تكشف قصصاً مدهشةً، وذلك بعد أن يقوم غيث بمسح ميداني حول كل حالة مستهدفة، ويتأكد من معطياتها واحتياج أصحابها للمساعدة والعون والإغاثة.. فيقدم لهم الدعمَ المالي أو يُنشئ لهم مشروعاً صغيراً يعتاشوا منه.

برنامج «قلبي اطمأن» أدمى قلوبَنا في أكثر من لقطة ومشهد وموقف، ومن ذلك لقاؤه في مدينة الموصل بشمال العراق مع طفل يبحث في القمامة عن بقايا أكل، حيث يسأله غيث: أين والدُك؟ فيجيب الطفل: لقد مات. وأين أمك؟ فيرد بنفس الإجابة: ماتت. ثم يكرر عليه السؤال: وإخوتك؟ يقول الطفل: ماتوا كلُّهم في نفس المكان، لأن بيتنا انهار وتحطم عليهم بسبب القصف، ولم يبقَ إلّا أنا وحدي! يحتضنه غيث ويصطحبه إلى مكان جدته التي ترعاه في بيت متهالك آيل للسقوط، ويحمل لها البشرى بتأسيس مشروع صغير يعيشون منه. وبذلك يحاول غيث تغيير مسار حياتهم وإنقاذهم من المأساة ورسم الابتسامة على وجوهم الحزينة، كما فعل ويفعل مع غيرهم من خلال مساعدة الهلال الأحمر الإماراتي الذي يقدم تبرّعات سخية للمحتاجين والفقراء تعيد ترتيب حياتهم من جديد.

فكم هو رائع مثل هذا العمل الإنساني! إنه رائع ومشرّف، ويعكس معدنَ العاملين عليه، أصحاب الفكرة الرائدة المبهرة، التي تستحق الإشادةَ والثناء. وقد لفت انتباهَ الكثيرين من متابعي غيث كونه لا يظهِر وجهَه، مكتفياً بعمل الخير فقط، وقد اختزل ظهورَه فقط من خلال حقيبة الظهر التي يحملها من دون أن نرى له أي ملمح آخر.

إنه يظهر لكي يزرع السعادة والفرح والابتهاج بين المحتاجين، من فقراء معدمين ومهجّرين ولاجئين.. حين يمنحهم الأمل من خلال حقيبته التي يحمل على ظهره في شهر رمضان المبارك من كل عام، عبر برنامجه «قلبي اطمأن»، معبراً بذلك عن الشخصية الإنسانية الأصيلة للإنسان العربي والمسلم. ووسط ضجيج المشكلات والأزمات المتراكمة، يأتي كل عام برنامج «قلبي اطمان» ليفضح أغلب برامج الأعمال الفنية التي تعرض في شهر رمضان الفضيل، وهي أعمال أغلبها رديء ولا يناسب طبيعة الشخصية العربية المسلمة، السمحة والإنسانية والمتسامية، والتي يعبّر عنها غيث الإماراتي بنجاح وتفوق وامتياز!

*كاتب سعودي