روث كارسون وماساكي كوندو وليبي تشيري*


تراجعت العملات الأوروبية إلى مستويات منخفضة جديدة وسط مخاوف من حدوث صدمة تضخمية كبيرة للاقتصاد العالمي، حيث تحول التجار إلى الملاذات التقليدية مثل الفرنك السويسري والدولار الأميركي، مع تصاعد الحرب في أوكرانيا.
انخفض اليورو دون مستوى التكافؤ مقابل الفرنك السويسري للمرة الأولى منذ يناير 2015، مما دفع البنك الوطني السويسري للتأكيد على استعداده للتدخل يوم الاثنين الماضي. وهبط الجنيه الإسترليني إلى أضعف مستوياته مقابل الدولار منذ ديسمبر 2020، مع فرار المستثمرين إلى بر الأمان مع تصاعد المخاوف بشأن توقعات النمو الأوروبي.
ومن بين عملات الأسواق الناشئة، انخفض «الزلوتي» البولندي و«الفورينت» المجري إلى أدنى مستوياتهما مقابل اليورو. وبالنسبة لأسعار النفط، فقد ارتفع خام برنت لفترة وجيزة متجاوزاً 139 دولاراً للبرميل في لندن، بينما ارتفع سعر الغاز الطبيعي يوم الاثنين بعد أن أفادت بلومبيرج نيوز أن الولايات المتحدة تدرس ما إذا كانت ستحظر واردات النفط الروسية.
وقالت جين فولي، رئيسة استراتيجية التداول الأجنبي لمجموعة العشرة في «رابوبانك»، والتي خفضت توقعاتها بالنسبة لسعر اليورو مقابل الدولار لشهر واحد إلى 1.06: «الضباب الاقتصادي في أوروبا أكثر كثافة نظراً لارتباط المنطقة بالطاقة الروسية. وفي الوقت نفسه، فإن هيمنة الدولار الأميركي على نظام المدفوعات العالمي تضمن استمرار الطلب عليه، جنباً إلى جنب مع عملات الدول المنتجة للسلع الأساسية».

يذكر أن العملات الأوروبية تحملت العبء الأكبر من الخسائر بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، في ظل حالة شديدة من عدم اليقين بشأن تطور الصراع ومدى تأثير العقوبات على إضعاف النمو في اقتصاداتها. وقد انخفض اليورو، ثاني أكثر العملات تداولاً في العالم وواحد من «مراكز البيع الأكثر سيولة» في أوروبا، بنحو 5% في الشهر الماضي.
تدرس إدارة بايدن ما إذا كانت ستحظر واردات النفط الروسي إلى الولايات المتحدة دون مشاركة الحلفاء في أوروبا، وفقاً لما ذكره شخصان مطلعان على الأمر. حتى الآن، نجا النفط والغاز الروسيان من العقوبات بسبب القلق من التأثير الاقتصادي. قفز مقياس سوق السندات لتوقعات التضخم في ألمانيا على مدى العقد المقبل إلى مستوى قياسي بعد الأخبار.
وانخفض اليورو بقدر 1.1% إلى 1.0806، بينما انخفض الجنيه بقدر 0.7% إلى 1.3142. تم تداول العملة الموحدة عند أدنى مستوى لها عند 0.9972 مقابل الفرنك السويسري.
قال «ستيوارت بينيت»، رئيس استراتيجية التداول الأجنبي لمجموعة العشرة في سانتاندير: «إن الجنيه الإسترليني يتعرض للهبوط بسبب المخاطر الأوروبية»، مضيفاً أن السوق قد يكون «متردداً» في الهبوط بقيمة تداول اليورو مقابل الإسترليني إلى ما دون 0.82. وهذا يخلق «فرصة أقل للجنيه الإسترليني ليتفوق على اليورو».
تُظهر الخيارات أن المتداولين يشعرون بأقصى درجات التشاؤم منذ 2011 فيما يتعلق بقيمة العملة الموحدة مقابل الدولار خلال فترة ثلاثة أشهر.
من ناحية أخرى، تكثف دول الاتحاد الأوروبي الشرقية تدخلاتها في السوق لحماية عملاتها من عمليات البيع. باع البنك المركزي التشيكي العملات الأجنبية يوم الجمعة لينضم إلى السلطة النقدية في بولندا التي تدخلت للمرة الثالثة الأسبوع الماضي.
وقال البنك الوطني السويسري إنه «لا يزال على استعداد للتدخل في سوق الصرف الأجنبي إذا لزم الأمر»، مشيراً إلى أن ارتفاع الفرنك يعكس دوره «كعملة ملاذ آمن»، وكذلك فروق التضخم بين سويسرا والبلدان الأخرى.
وأشار «راي أتريل»، المحلل الاستراتيجي في البنك الوطني بأستراليا، إلى أن البنك الوطني السويسري «كان أكثر تحرراً بشكل واضح في ظل قوة الفرنك السويسري في العام الماضي أو نحو ذلك، ولكن ستكون هناك حدود لمدة استمرار هذه القوة».

* صحفيون متخصصون في القضايا المالية- بلومبيرج
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»