احتفلت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً بالذكرى الخمسين لتأسيسها وقد تعددت الرسائل من القاصي والداني تعرض لأبرز إنجازات الدولة خلال نصف قرن. واتفقت الآراء على أن أبرز تلك الإنجازات كان ولا يزال نجاح شعب الإمارات تحت قيادته الحكيمة في الإبقاء على تجربة الاتحاد بين الإمارات السبع وتقويتها وتدعيمها. ولقد تعددت الإنجازات لتشمل على سبيل المثال وليس الحصر، البنية التحتية والاتصالات والصحة والاقتصاد والتجارة الخارجية والفضاء والتعليم وخطط إدارة الطوارئ والأزمات والأمن الغذائي والثورة الصناعية الرابعة وغيرها الكثير، ولكن برأيي أن كافة الإنجازات التي تحققت منذ العام 1971 والتي سوف تتحقق في المستقبل هي ثمار بناء «المواطن» الإماراتي الناجح المتميز في كافة المجالات والقطاعات. 
المواطن الإماراتي، هو من أخذ على عاتقه ترجمة توجيهات وخطط القيادة إلى واقع ملموس وساهم بالوقت والجهد والروح في مسيرة بناء وتطوير الوطن، هو من تلقى التعليم داخل وخارج الدولة وحصل على مختلف الشهادات الأكاديمية وشق طريقه المهني في كافة مناحي سوق العمل ليتميز ويرتقي فيها. ولذلك نجد المهندس الإماراتي الذي وضع بصمته في مجالات الهندسة بشتى فروعها، المعمارية والمدنية والإلكترونية والكهربائية والميكانيكية وغيرها، ليبني المدرسة والمصنع والمستشفى، والمنزل، والطرق، والطائرات، والأقمار الاصطناعية، وغيرها، إضافة إلى الطبيب الإماراتي الذي تخصص في كافة علوم الطب والأسنان بجانب الصيدلة وأصبحنا نجده الطبيب العام والاخصائي والاستشاري والجراح والصيدلي في المستشفيات الحكومية وتتلقفه المستشفيات الخاصة، ثم المعلم المواطن الذي لا يألو جهداً في تنشئة وإعداد أجيال المستقبل في مراحل التعليم العام والعالي. ثم هناك المواطن العسكري سواء في مجال الشرطة أو القوات المسلحة والذي يبذل حياته في سبيل الحفاظ على تراب الوطن ومصالحه، إضافة إلى الخبير المتخصص في علوم الفضاء والذي ساهم في ترجمة تطلعات القيادة في مجال غزو الفضاء إلى واقع ملموس فقام بتصنيع «مسبار الأمل» الذي بلغ كوكب المريخ ويٌخطط حالياً لاستكشاف القمر وكوكب الزهرة. 

والمواطن الإماراتي هو من يقود برامج الذكاء الاصطناعي والحكومة الرقمية وخطط الأمن المائي والغذائي وقام ببناء وتشغيل محطات «براكة» للطاقة النووية ويُطبق خطط الدولة في مجالات تنويع القاعدة الاقتصادية ويقوم بإدارة وتشغيل وحماية الثروة الوطنية من النفط والغاز. والإماراتي هو من يعكس الصورة المثلى عن الدولة في بقية دول العالم ليساهم بقوة في نجاح سياسة القوة الناعمة للدولة ويجعل جواز السفر الإماراتي الأول على مستوى العالم. والمواطن الإماراتي هو من وضع وطبق خطط وبرامج إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث والتي تعد الأولى من نوعها في العالم العربي.
وحالياً، وبعد مرور نصف قرن على قيام الدولة، نجد المواطن الإماراتي لا يتجه فقط إلى مواقع القيادة والإشراف والإدارة فقط، بل نجده أيضاً في العديد من المهن الحيوية مثل رجل الدين والمحامي والمحاسب وفني الأشعة والممرض والمرشد السياحي والميكانيكي وخبير الأمن والسلامة وخبير العلاقات العامة والاتيكيت وغيرها الكثير. كما لا يفوتنا الإشادة بشريحة المواطنين المتقاعدين الذين أمضوا عقوداً من حياتهم في خدمة الدولة في شتى مجالات العمل، بإخلاص وتفاني وغالبيتهم عاد إلى العمل بعد التقاعد مٌسخراً خبراته ومهاراته لخدمة الوطن في مجالات عمل أخرى.
ذلك هو المواطن الإماراتي الذي قامت على أكتافه كافة إنجازات الإمارات وترتكز عليه كافة خطط وبرامج التنمية والتقدم في العقود القادمة والذي يمضي متمسكاً بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف تحت قسم الولاء والطاعة لولي الأمر يضع نصب أعينه باستمرار أمن وأمان الوطن. 

كاتب إماراتي