يعتبر المغرب من أكثر الدول تعاوناً مع صندوق النقد الدولي واستفادةً من قروضه المتواصلة، إذ حصل خلال الفترة ( 2012 – 2021) على خمسة قروض مجموع قيمتها نحو 21 مليار دولار، كان آخرها قرض بقيمة 3.2 مليار دولار لمواجهة تداعيات أزمة كورونا التي تسببت في انكماش اقتصادي بنسبة 6.3% العام الماضي، مقارنةً بنمو بلغ 2.6% عام 2019.. وهذا مع الأخذ في الاعتبار التأثير على الإيرادات الضريبية نتيجة التوقف المفاجئ عن النشاط خلال فترة الحجر الصحي، وتعبئة إيرادات استثنائية مهمة في إطار الصندوق الخاص بمكافحة هذا الوباء، والتقدم المحرز في حملة التلقيح، وتخفيف القيود الصحية.

وإذا كانت تداعيات كورونا قد عرقلت تنفيذ «تعويم» سعر صرف الدرهم الذي كان صندوق النقد يستعجل المغربَ سرعةَ إنجازه، كشرط من أهم شروطه، لكنه في الوقت نفسه كان يراهن على قدرة الاقتصاد المغربي، لاستعادة عافيته بدءاً من نمو 4.5% العام الحالي، في ضوء التوقعات الإيجابية للموسم الزراعي. مع العلم أن إيرادات الخزينة في النصف الأول سجلت عجزاً بلغ 2.8 مليار دولار .

ورغم التأثير السلبي لتداعيات كورونا، فقد استطاع المغرب تحقيق التقدم نحو المركز الـ53 في مؤشر «ممارسة الأعمال لعام 2020»، الصادر عن البنك الدولي، والمركز الثالث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بعد الإمارات والبحرين. وهو يتطلع لدخول قائمة أفضل 50 اقتصاداً عالمياً، بالاستناد إلى سعيه المتواصل نحو تعزيز مناخ الاستثمار في إطار مهمة «صندوق محمد السادس للاستثمار» الهادف إلى النهوض بقدرات الاقتصاد عبر دعم القطاعات الإنتاجية، وتمويل ومواكبة المشاريع الكبرى في استثمار مشترك بين القطاعين العام والخاص.

وبما أن إصلاح نظام سعر الصرف يهدف إلى تعزيز قدرة الاقتصاد المغربي على امتصاص الصدمات الخارجية ودعم تنافسيته، وبالتالي المساهمة في نموه، فقد جدد صندوق النقد الدولي نصيحته بتسريع مراحل «تعويم» الدرهم، بعد ما نجحت المغرب في إنجاز المرحلة الأولى في يناير 2018، بتوسيع تقلب السعر بهامش 2.5%، ثم رفعه في المرحلة الثانية في مارس 2020 إلى 5%.

*كاتب متخصص في القضايا الاقتصادية