بالنسبة لبلد مليء بالسياسيين «المؤيدين للأسرة»، فإن الولايات المتحدة بالتأكيد مكان صعب لتنشئة أسرة.
نحن- الأميركيين- نحب أن نفكر في «أننا رقم 1»، لكن إحدى الدراسات الحديثة وجدت أن الولايات المتحدة كانت ثاني أسوأ دولة من بين 35 دولة صناعية كمكان للعائلات. وجاء تصنيفنا بعد بلغاريا وتشيلي. والآن لدينا فرصة تاريخية لدعم الأطفال والعائلات، حيث تقترح خطة العائلات الأميركية للرئيس جو بايدن برامج مثل الرعاية النهارية عالية الجودة وما قبل الروضة، وهي برامج تعتبر روتينية في أماكن أخرى من العالم. قد تعتقد أن الحزب «الجمهوري» «المؤيد للعائلة» سيكون حريصاً على ترجمة الملاحظات التافهة إلى مساعدة عملية. لكنك ستكون مخطئا.

وقالت السيناتورة «مارشا بلاكبيرن» (جمهورية - تينيستي) على تويتر: «هل تعرف من أيضا أعجبته فكرة الرعاية النهارية الشاملة؟»، مستشهدةً بالاتحاد السوفييتي القديم، مما يشير على ما يبدو إلى وجود شيء شيوعي حول الرعاية النهارية، وادعت كذبا أن المشاركة ستكون إلزامية بموجب خطة بايدن.
ومن جانبه، حذر «جي دي فانس»، مؤلف كتاب «هيلبيلي إليجي»، من أن «الرعاية النهارية الشاملة» هي حرب طبقية ضد الأشخاص العاديين». وشجب السناتور «تيم سكوت» (جمهوري -كارولينا الجنوبية) الجهود المبذولة «لتدخل واشنطن في حياتك أكثر من اللازم، من المهد إلى الكلية». وانتقد السيناتور «جوش هاولي» (جمهوري - ميسوري) «التنظيم الاجتماعي اليساري».
وفي ولاية ايداهو، أوضح النائب الجمهوري «تشارلي شيبرد»، أنه كان ضد إجراء الرعاية النهارية لأن «هذا يجعل الأمر أسهل أو أكثر ملاءمة للأمهات للخروج من المنزل والسماح للآخرين بتربية أطفالهم». واعتذر لاحقا لأن تصريحاته «بدت» متحيزة ضد المرأة.
هذا أمر محزن لأن الحزب «الجمهوري» محق في الإشادة بأهمية الأسرة. فوجود آباء محبين وداعمين يفهمون أطفالهم، ويعانقونهم ويساعدونهم في أداء الواجبات المدرسية، هذا أمر بالغ الأهمية للأطفال. وجدت إحدى الدراسات التي أجرتها جامعة مينيسوتا أن ارتباط الأمهات بأطفالهن في سن الثالثة كان أفضل من مؤشر الذكاء للتخرج من المدرسة الثانوية.
لذا فإن «الجمهوريين» محقون في أن الأسر السليمة تصنع أمة صحية. يتردد «الديمقراطيون» أحيانا في الاعتراف بخسائر الأسر المفككة، خوفا من إلقاء اللوم على الفقراء بسبب فقرهم، ولكن من الصعب إجراء محادثة جادة حول تحسين الفرص والمساواة في الولايات المتحدة دون الاعتراف بالمشاكل المعقدة في العديد من المنازل.
يعيش حوالي 8 ملايين طفل أميركي - حوالي 1 من كل 8 - مع والد يعاني من مشكلة تعاطي المخدرات. ويعيش الملايين غيرهم في منزل يعاني من العنف المنزلي. والبعض الآخر من الأطفال هم المسؤولون عن العناية بالأشقاء الصغار لأن الآباء يعملون ولا توجد رعاية نهارية ميسورة التكلفة.
لذا، فإن العائلات بحاجة ماسة إلى المساعدة. في بلدان أخرى، تحصل الأسر على المساعدة، لكن في الولايات المتحدة، تتلقى عظات فارغة حول أهمية الأسرة.
كدولة أفقر في الحرب العالمية الثانية، كان بإمكان الولايات المتحدة تشغيل برنامج رعاية نهارية ممتاز لتمكين الأمهات والآباء من شغل وظائف في اقتصاد الحرب. وجدت دراسة متابعة أن الأطفال في تلك الرعاية النهارية في زمن الحرب استمروا في الاستمتاع بمعدلات أعلى للتخرج من المدارس الثانوية والجامعات وكسبوا المزيد من المال كبالغين.
اعتبارا من 2019، التحق 34% فقط من الأطفال الأميركيين بعمر 4 سنوات بمرحلة ما قبل الروضة الممولة من الدولة، وتبين دراسة جديدة مهمة لماذا تحتاج أميركا لرفع جودة مرحلة ما قبل الروضة. في أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الـ 21، قدمت بوسطن برامج عامة للأطفال بعمر 4 سنوات ولكنها لم تستطع تلبية الطلب، لذلك تم استخدام «قرعة اليانصيب» لتحديد الأطفال الذين يجب قبولهم.
وجد العلماء الآن أن التأثيرات طويلة المدى لهذا التعيين العشوائي كانت هائلة. كان الأطفال الذين تم قبولهم في صف ما قبل الروضة أكثر احتمالية بنسبة 18% لدخول الكلية في الوقت المحدد. كانوا أكثر عرضة للتخرج من المدرسة الثانوية والحصول على درجات أفضل في «السات»، وكانوا أقل عرضة للسجن أثناء وجودهم في المدرسة الثانوية. كانت التأثيرات قوية بشكل خاص بالنسبة للأولاد.
هذه الدراسة الجديدة هي جزء من مجموعة هائلة من الأبحاث التي تُظهر أن أكبر تأثير لدينا لمساعدة الناس قد يكون في وقت مبكر من الحياة، حيث تتطور العقول.
يقول المشككون إن برامج الطفولة المبكرة باهظة الثمن. بالتأكيد، لكن البلدان الأكثر فقرا تستطيع تحمل تكاليفها. كما أن الفشل التعليمي وانحراف الأطفال الأحداث أكثر تكلفة، كما أنهما يقوضان القدرة التنافسية الأميركية حول العالم.
يقول أعضاء مجلس الشيوخ إنهم يهتمون بالجريمة. حسنا، إليك طريقة للحد من جرائم الأحداث: تقديم رعاية ذات جودة عالية لمرحلة ما قبل الروضة. وهم يقولون إنهم يريدون مساعدة الشباب على الالتحاق بالجامعة. لذا عليكم بدعم خطة بايدن لمرحلة ما قبل الروضة. بعبارة أخرى، هذا ليس إنفاقا، ولكنه استثمار مرتفع العائد.
من الغريب أن ينظر «الجمهوريون» إلى برامج الطفولة المبكرة على أنها مؤامرة ديمقراطية. تعد ولاية أوكلاهوما الجمهورية هي إحدى أفضل الولايات لبرامج الطفولة المبكرة، ولا يرى سكان أوكلاهوما، الرعاية في مرحلة ما قبل الروضة على أنها شيوعية ولكنها أمر منطقي: إذا لم تستثمر في الأطفال في البداية، فإنك تحتل مكانة متأخرة.
قد تكون جهود بايدن لخفض فقر الأطفال وإنشاء أنظمة للرعاية النهارية وما قبل الروضة بمثابة جهود تاريخية. إنها أهم قضية تتعلق بالسياسات لعام 2021. وستفيد هذه المبادرات الأطفال والأسر.


* كاتب أميركي حاصل على جائزة بوليتزر
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»