يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: «الرؤية بوابة إلى خطة عمل متكاملة، وعندما أقدم رؤيتي لمشروع معين فإن رسالتي تكون: هذه هي رؤيتي، واضحة لجميع المعنيين بتنفيذها: أريد تنفيذها بالصورة الآتية وخلال هذه المهلة المحددة لتحقيق هذا الهدف، وهذا فريق العمل، وهذا التمويل، وهذا ما أتوقعه بعد التنفيذ.» ويقول الخزامي: «إن كل ساعة تقضى في التخطيط الجيد توفر ثلاث أو أربع ساعات في التنفيذ».
لم تُنتخب دولة الإمارات العربية عضواً غير دائم في مجلس الأمن الجمعة بواقع 179 صوتاً من أصوات الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبب الحظ، بل إن الفوز المستحق بمقعد مجموعة دول آسيا والمحيط الهادئ وتمثيل الصوت العربي قد جاء بسبب رؤية سديدة وخطة حكيمة وضعتها القيادة الرشيدة منذ سنوات، وأولت مهمة تنفيذها إلى فريق عمل دبلوماسي مؤهل يرأسه سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي.
الرؤية الإماراتية في مجلس الأمن الدولي تقوم في الأساس على حماية وصون السلم والأمن الدوليين، وهي إذ تدرك حجم المسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقها ومع الخبرة الطويلة التي تمكنت الإمارات من تحقيقها عبر إدارة وتولي أزمات عربية ودولية وحلها جميعاً بطرق سلمية آمنة مرضية لجميع الأطراف، ستكون صفحتها الأولى في مجلس الأمن التعاون مع المنظمات الإقليمية بشكل مكثف وحثيث للمساهمة في معالجة القضايا الهامة لدول العالم، مستندة على تفوقها في إقامة شبكة علاقات وثيقة وراسخة مع جميع دول العالم.
وكما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: «إن فوز دولة الإمارات بعضوية مجلس الأمن الدولي للفترة من 2022-2023 يجسد ثقة العالم في السياسة الإماراتية، ويجسد كفاءة منظومتها الدبلوماسية وفاعليتها»، فهو يعكس أيضاً ثقة العالم بشعار «أقوى باتحادنا» الذي استجابت له بقوة جميع الدول التي اختارت الإمارات لتكون عضواً في المجلس، ولأنها رأت حقاً وبشفافية بالغة أن الإمارات قادرة على بذل الجهود الاستثنائية لمواجهة التحديات المهمة كمعالجة الأزمات الصحية العالمية، كما فعلت خلال جائحة كوفيد-19 وبناء القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ وإعطاء الأولوية للإغاثة الإنسانية، إضافة إلى قدرتها على تعزيز المساواة بين الجنسين وتعزيز التسامح ومكافحة التطرف والإرهاب، إلى جانب تسخير إمكانيات الابتكار لخدمة السلام.
تدرك دول العالم، وليست التي قامت بالتصويت فحسب، أن الإمارات دولة قائدة في الشرق الأوسط تفتح الأبواب وتبني الجسور وتمهد الطريق أمام المستقبل المشرق للأجيال القادمة، وأنها أثبتت خلال السنوات الماضية قدرتها الحقيقية على تحويل احتمالية الحروب إلى فرص سلام ووأد الفتن بمكافحة الجماعات الإرهابية وتخليص المجتمعات من الفكر المنحرف والمتطرف، وأن قيادتها لا تنحصر على الشؤون السياسية، بل تمتد إلى المجالات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
سمعت من بعض المحللين المتشائمين أن هذا المقعد الذي حصلت عليه الإمارات قد كانت تشغله دول أخرى سابقاً، وأنها لم تحقق فيه شيئاً بسبب حجم الضغوطات الدولية للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن أو لأسباب أخرى، وهذه الفكرة قد تبدو للوهلة الأولى صحيحة، لكنها لا تنطبق على الإمارات على وجه التحديد، ليس لأن الإمارات دولة مختلفة في رؤيتها ومنهجيتها ووسائلها الدبلوماسية المتفوقة فحسب، بل لأن الإمارات عازمة ومصرة على إحداث التغيير المطلوب والمفيد لدول المنطقة ودول العالم في هذه الأوقات الصعبة ولديها أجندة تم تقييمها واختبارها، وقد بدأت العمل بأقصى طاقتها منذ حصولها على مقعد مجلس الأمن الدولي ولن تنتظر الأول من يناير 2022.
سيرى العالم أن وجود الإمارات في مجلس الأمن الدولي سوف يكون الحدث الأبرز عالمياً على مستوى التأثير والعمل المنظم وحل ومعالجة القضايا، وكما تفعل الإمارات دائماً سوف تطور في مجلس الأمن مفاهيم جديدة تستند إلى خبرتها وقدرتها السابقة في قضايا الشرق الأوسط، وكذلك تستند إلى أفضل فرق دبلوماسية إماراتية مؤهلة قادرة على ابتكار الآليات والوسائل المضمونة لتحقيق الأهداف من خلال تعزيز الحوار والدبلوماسية والإيمان بأهمية الاستقرار والشمولية والازدهار في تحقيق السلم والأمن الدوليين.

* لواء ركن طيار متقاعد