في رسالة لأنطونيو جوتيريش، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أن النساء كن على الخطوط الأمامية للتصدي لجائحة كورونا، التي ضربت العالم منذ بداية العام الماضي. ولقد محت جائحة «كوفيد-19»، حسب قوله، عقوداً من التقدم نحو تحقيق المساواة بين الجنسين، فمن تفاقم فقدان الوظائف إلى استفحال أعباء الرعاية غير المدفوعة الأجر، ومن تعطيل الدراسة إلى تصاعد أزمة الاستغلال والعنف العائلي، انقلبت حياة النساء رأساً على عقب وتآكلت حقوقهن.
لكن النساء كن أيضاً على الخطوط الأمامية للتصدي للجائحة، فهن العاملات الأساسيات اللائي يحافظن على حياة الناس وعلى تماسك الاقتصادات والمجتمعات المحلية والأسر، وهن من القيادات التي حافظت على انخفاض معدلات التفشي وأبقت البلدان على طريق التعافي.
وفي جميع المجالات، عندما تتولى المرأة دوراً قيادياً في الحكومة، نرى استثمارات أكبر في الحماية الاجتماعية وخطوات أوسع في مجال مكافحة الفقر. وعندما تكون المرأة في البرلمان، تتبنى البلدان سياسات أكثر صرامة بشأن تغيّر المناخ. وعندما تجلس المرأة إلى طاولة مفاوضات السلام، تبرم اتفاقات أكثر ديمومة.
ومع ذلك، لا تشكل النساء سوى ربع المشرّعين على الصعيد العالمي، وثلث أعضاء الحكومات المحلية، وفقط خُمس الوزراء في الحكومات الوطنية. وإذا استمرّ المسار الحالي، لن يتم تحقيق التكافؤ بين الجنسين في المجالس التشريعية الوطنية قبل عام 2063. وسيستغرق تحقيق التكافؤ على صعيد رؤساء الحكومات أكثر من قرن.
إن تحقيق مستقبل أفضل يتوقف على معالجة هذا الاختلال في توازن القوى. كما أن التعافي من جائحة فيروس كورونا يستلزم من العالم رسم خريطة طريق جديدة قائمة على قواعد المساواة، وتستهدف مجموعة شاملة من قواعد الدعم والتحفيز للنساء والاستثمار الأمثل في البنيات التحية للرعاية الاجتماعية. وما كانت اقتصادات الدول لتتماسك، لولا أعمال الرعاية المجانية التي تقدها نساء العالم. 
كما ينبغي للدول سن قوانين زجرية للتصدي للعنف ضد النساء والفتيات، وسن مجموعات عمل حول مواضيع رئيسية ثلاثة: الوقاية، ورعاية الضحايا، ومعاقبة المذنبين.. وهذه الظاهرة لا تليق بمجتمعات القرن الحادي والعشرين. ففي فرنسا مثلاً تموت مواطنات فرنسيات خنقاً أو طعناً أو حرقاً أو ضرباً، بواقع كل يومين أو ثلاثة. وفي أوروبا، تُصنف فرنسا من بين أكثر البلدان على صعيد عدد النسوة اللواتي يُقتلن على أيدي أزواجهن، مع 0,18 ضحية لكل مئة ألف امرأة، وفق الأرقام الصادرة عن هيئة «يوروستات» الأوروبية. وهذا المعدل أعلى من سويسرا (0,13) وإيطاليا (0,11) وإسبانيا (0,12)، لكنه أدنى من ألمانيا (0,23).
وعند متابعتي للنقاش الدائر في الأوساط الإعلامية والمجتمعية الأوروبية، قلّما أستمع إلى الأسباب المجتمعية الكامنة وراء هذا العنف الأسري، فلا توجد دراسات سوسيولوجية علمية تمكن من فهم الظاهرة والتي تجعلنا نفقه لماذا يستعمل الزوج قوته البدنية لإنهاء حياة شريكته، ولماذا تصل العلاقة الزوجية إلى هذه الدرجة من العنف، علماً بأن رافعي راية الحضارة الغربية دائماً في الحوارات العلمية مع «الآخر» اللاغربي يمدحون ويمجدون المستوى الحضاري للعلاقة بين الأفراد داخل مجتمعاتهم، وخاصة بين الأزواج وفي العلاقات الأسرية. لكن عندما تطلع على ماهية هذه العلاقات ستلاحظ حقائق مرعبة! ومما يزيد حيرتي أنه عندما أتساءل عن جدوى هذه الميكانيزمات القانونية، وهل ستوقف النزيف المجتمعي؟ ولماذا لا يتم تفعيلها؟ والحقيقة أنه إذا كانت هناك دول تحتاج إلى قوانين زجرية لمحاربة العنف ضد النساء، فهناك دول مثل فرنسا تملك حزمة من هذه القوانين، لكن ما ينقص هو مسألة التفعيل والوقاية.
ثم لا يجب أن ننسى ضمان التمثيل المتساوي في مجالس إدارة الشركات والبرلمانات، وفي التعليم العالي والمؤسسات العامة، من خلال اتخاذ تدابير خاصة وتحديد حصص معينة. ويجب إلغاء جميع القوانين التمييزية في جميع المجالات كحقوق العمل والأرض.
كما يجب القضاء على الحواجز التي تحول دون إدماج المرأة بالكامل في الاقتصادات الوطنية، بما في ذلك الوصول إلى سوق العمل، وحقوق الملكية، والائتمان والاستثمار. 
لقد آن الأوان لبناء مجتمعات جديدة تسودها قواعد المساواة بين الجنسين.