هل تبحث عمّا يجعلك تنسى ذكرى حزينة أو هماً ثقيلاً؟ لا تقلق، فالطلب متوفر وفي متناول اليد، فبعد فترة من الآن لا داعي لأن تلجأ إلى أية وسيلة كنتَ تعتقد أنها سوف تساعدك على النسيان أو التجاهل. هذا ما أورده بحث علميّ صدر حديثاً وتمّ تداوله على نطاق محدود. فما الذي حملته التفاصيل؟
في المجتمع الرقمي يَسهُل اليوم اكتشاف كل شيء وتذكّره إلى الأبد، وبشكل يفوق الأرض التي كانت إلى وقت قريب تحتفظ بكل شيء وتذكّرُنا به، بدءاً من البشر الذين رحلوا، مروراً بالصروح التي بنوا على سطحها، وبقية الأشياء التي أودعوها في باطنها، فالأرض كانت أرشيفاً يصعبُ تزويره، إلى أن «هبط» عليها منافس جديد من العالم الرقمي، ليبزها في خدماتها الطبيعية ويتفوّق عليها من حيث الدقة أضعاف المرات.
الباحثان «ديف آرون» و«راجيش كانداسوامي» صاحبا فكرة أهمية النسيان، يعتقدان بأنه يمكن للتقنيات والأساليب الحديثة إنشاء «النسيان كخدمة» تهدف إلى تنفيذ القدرة على التجاهل (النسيان) بطريقة قوية. وفي استطرادٍ للفكرة التي فتحت آفاقاً جديدة، فإن المجتمع البشري خلافاً للمجتمع الرقمي، يحتاج إلى الجهل والقدرة على نسيان العمل، وهاتان الحاجتان (الجهل النسيان) حيويتان برأي الباحثين، ليس فقط للمجتمع بل للتجارة أيضاً، إذ اعتمدت العديد من جوانب الأعمال والمجتمع على الجهل والنسيان لآلاف السنين، فليس ثمة مبرر يجعلهما خارج الاستخدام في عالم اليوم. 
وللتأكيد على جدية الفكرة حدّد الباحثان لها تاريخاً هو عام 2024، تصبح فيه «خدمة النسيان» جاهزة للاستخدام. ومن المتوقع أن نقرأ في العام المشهود عديداً من التوصيات، من بينها: «حدّد المجالات التي قد تكون فيها معرفة الكثير المُتذكَر لفترة طويلة، يشكل مشكلة بالنسبة لك أو لعملائك أو لمواطنيك أو لشركتك أو لمجتمعك. نفذ آليات البناء الفعال في الجهل والنسيان بالبحث عن أولئك الذين يبنون النسيان، وتفاعل معهم كخدمة، وفكر في تجربتها أو فكر في بنائه بنفسك». لكن هل هذا كل شيء؟
«فيكتور ماير شوينبيرغر»، مؤلف كتاب «فضيلة النسيان في العصر الرقمي»، يشير إلى أن المعرفة والتذكر أصبحا خياراً افتراضياً. ويدعو لمشاركته تخيّل سيناريو يقول: حتى الأفكار غير المعلنة في دماغك لم تعد خاصة، مستشهداً بما نشرته مجلة «العالِم الجديد» (New Scientist) عن تجربة في الصين أرتدى فيها 10000 طالب عصابات رأس تقنية تسمح للمعلمين بمراقبة مستويات انتباههم.