بجهودٍ حثيثة، ودعم كامل من القيادة الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة في شخص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، بالإضافة إلى عدد من أشقاء وأصدقاء السودان المخلصين تمكن هذا البلد العربي الشقيق من رفع اسمه من قائمة الدول الراعية والداعمة للإرهاب، التي كانت الولايات المتحدة الأميركية قد أدرجته عليها في فترة حكم «الإخوان»، وأصبح السودان ضمن القائمة لردح طويل من الزمن، قرابة ربع قرن.
وجهود صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في وصول الأمر إلى النهاية المرجوة كانت طويلة ومضنية. سموه الشهم والكريم لم يتوانى لحظة واحدة أو يسأم إلى أن تحقق الأمر وفقاً لما يشاؤه الأخوة الأعزاء في السودان، وفتح الأبواب أمام السودان ليعود كدولة مقبولة وناشطة وذات سمعة ممتازة في المجتمع الدولي.
لذلك فإني كمواطن إماراتي غيور على السودان وشعبه أتوجه بالشكر الجزيل إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، نيابة عن شعبي دولة الإمارات والسودان، وأدعو لسموه بالصحة والسعادة وطول العمر.
كان السودان قد أُدرج في عام 1993 على القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، بسبب العديد من الاتهامات التي وجهت إلى نظام حكم «الجبهة الوطنية للإنقاذ»، ثم بعد ذلك حزب «المؤتمر الوطني»، وهي جميعها مسميات عملت كواجهات لجماعة «الإخوان»، وكأقنعة لتوليهم الحكم وممارسة السياسة في البلاد.
وبإدخال السودان في تلك القائمة، فقد جمع امتيازاته وحقوقه في التعامل مع الولايات المتحدة ودول الغرب والعديد من حلفاء الولايات المتحدة على مدار العالم ما أدى إلى استحالة قيام معظم تلك الدول والمؤسسات الاقتصادية التابعة لها بالاستثمار الاقتصادي بكافة أنواعه وأشكاله وأفقد السودان جميع روافده الاعتيادية في التعامل المالي والنقدي مع معظم أعضاء المجتمع الدولي، ونتج عن ذلك العديد من الكوارث والمآسي الاقتصادية والمالية التي لا زالت البلاد تعاني منها.
لذلك فإن دولة الإمارات والعديد من دول العالم الأخرى رحبت ترحيباً حاراً بقيام الولايات المتحدة باتخاذ تلك الخطوة المهمة جداً واعتبرتها مؤدية إلى استقرار السودان بشكل مباشر على الصعد كافة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية والدفاعية وعلاقاته الديبلوماسية.
والواقع أن رفع اسم السودان كدولة من قائمة الدول الراعية للإرهاب، قاد بشكل مباشر إلى استعادته لوضعه الطبيعي كدولة مسالمة كانت في يوم ما رمزاً للدول الراعية للسلام العالمي، وعملت في الكثير من الأوقات كوسيط مقبول وموثوق به في محيطه العربي والأفريقي.
والآن يعود السودان شيئاً فشيئاً إلى ما كان عليه من وضع متميز في المجتمع الدولي من المتوقع له أن يستعيد الكثير من أمجاده ومواقفه المشرفة، خاصة بعدما حصل على الحصانة القانونية، ومن المتوقع أن تصدر الولايات المتحدة قانوناً يعلن السلام القانوني مع الدولة السودانية. ومثل هذه الخطوات ستمهد لخطوات أخرى ستتخذ في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لإلغاء القرارات التي اتخذت فيها بشأن فرض عقوبات دبلوماسية وسياسية واقتصادية عليه.
إن الأدوار المعلنة والخافية التي قامت بها دولة الإمارات لرفع اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية والداعمة للإرهاب ليست بالأمر المستغرب أو الجديد، فهي تأتي ضمن سياق مستمر من دعمها لقضايا كافة أشقائها العرب وكعاكس لبروزها كمركز جديد للقوة بمعانيها الشاملة التي ينتج عنها ضلوعها اقتصادياً وسياسياً واستراتيجياً وعسكرياً وأمنياً في كافة قضاياهم المصيرية، بالإضافة إلى كون ذلك عاكس لمدى قوة تأثير سياستها الناعمة في العصر الحديث.
ما سيكسبه السودان من مواقف دولة الإمارات الحالية تجاهه الكثير، فها هو الآن يرفع اسمه من قائمة الإرهاب، وسيتلو ذلك تدفق الاستثمارات الخارجية إليه وعودته إلى أحضان المجتمع الدولي، وعودة أعضاء المجتمع الدولي إلى الاهتمام بقضاياه، وتهافت العديد من الدول العظمى الكبرى إلى كسبه كصديق، وقدرته في الدفاع عن حدوده وأراضيه ومصالحه العليا، وقوته ومنعته في التعامل مع جيرانه الطامعين، وعودته إلى الإنتاج الاقتصادي والزراعي والصناعي المفيد، وما هو قادم أفضل كثيراً.
وحفظ الله الإمارات والسودان كشقيقان متعاضدان.
* كاتب إماراتي