رسخ «التميز» مكانه بوصفه إحدى القيم التي ترتبط الآن ارتباطاً وثيقاً باسم دولة الإمارات العربية المتحدة، ويمثل معياراً حاضراً على الدوام في فكر القيادة الرشيدة وفي عمل الأفراد والمؤسسات. ويعود الاهتمام بالتميز إلى إدراك متنامٍ في دولة الإمارات لفكرة إطلاق الطاقات الإنسانية إلى أقصى حدودها، بوصفها النهج الأمثل لتحسين الحياة الإنسانية من جميع جوانبها، واستدامة مسيرة التنمية، وتحقيق الرخاء والازدهار والسعادة للبشر.
ويُعدُّ «برنامج سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك للتميز والذكاء المجتمعي» واحداً من مظاهر الاهتمام بهذا المفهوم الضروري لتطور الأمم والدول والمجتمعات والأفراد، كما تنعكس فيه «البصمة الإماراتية» في تعزيز حضور التميز في المجال العام، ليس على مستوى الدولة فحسب، بل على مستوى العالم العربي والعالم أجمع، والدمج بينه وبين قيمتين مهمتين، هما: «الذكاء المجتمعي»، و«ثقافة التقدير» أو «ثقافة المكافأة» التي ترتبط كذلك بدولة الإمارات، وهي تُعدُّ واحدة من أفضل عوامل حفز الإنسان إلى البحث في ذاته عن الشيء الفريد الذي يستطيع من خلاله أن يحقق الخير والفائدة لمجتمعه وللبشرية، وفي الوقت ذاته يحقق الخير والفائدة لذاته، في أفضل صور خلق المعادلات التي يربح فيها الجميع.
وفي إطار استدامة العمل في البرنامج، وتعزيز قدرته على أداء رسالته، فقد أصدرت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات»، قبل أيام، قراراً بتشكيل اللجنة العليا للبرنامج برئاسة سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، وعضوية عدد من الوزراء وكبار المسؤولين التنفيذيين الذين تتصل وظائفهم وخبراتهم الطويلة بمجالات عمل البرنامج وأنشطته المتنوعة. 
لقد تبنّى البرنامج رسالة واضحة ساعدته على تحقيق أهدافه، وهي: «صناعة الفرق في المجتمع المحلي والعالمي عبر إبراز المتميزين والمبتكرين من الأفراد والمؤسسات، والاعتراف بإنجازاتهم وإسهاماتهم وتقديرهم ودعمهم لما فيه رفعة وسعادة وتقدم أوطانهم وتعزيز انتمائهم وولائهم لمجتمعاتهم». وتؤكد هذه «الرسالة» المُحكمة حضور الطابع الإنساني في عمل البرنامج، بما يتناغم مع توجه دولة الإمارات التي أصبحت رمزاً لتبني قيم السلام والتسامح والتعايش والمحبة بين البشر جميعاً. ويجد هذا المفهوم السامي طريقه إلى التطبيق من خلال فتح باب الحصول على الجوائز السنوية، في الأغلبية العظمى من فئاتها، أمام أفراد وفرق عمل ومؤسسات من الدول العربية وجميع دول العالم.
وإلى جانب دوره التوعوي والثقافي وأنشطته الفكرية، يبدو الشمول والتنوع واضحَين في الجوائز التي يُقدِّمها البرنامج، حيث تغطي ثلاثة مجالات: أولها، التميز الفردي الذي تُقدم فيه جوائز للأفراد في فئات: التميز الثقافي والفني، والتميز الإعلامي، والعلوم وتكنولوجيا المستقبل والمسؤولية المجتمعية، وبُناة المجتمع، والأم المتميزة أو الأب المتميز أو الجدة المتميزة أو الجد المتميز، و«السند». والثاني، هو التميز الجماعي الذي تُقدَّم فيه جوائز لفرق عمل في الفئات التالية: المشروع الشبابي المبتكر في الثقافة والفنون، والمشروع الشبابي المبتكر في العلوم وتكنولوجيا المستقبل، والمشروع الشبابي المبتكر في المسؤولية المجتمعية، والمبادرة المجتمعية المتميزة، وأسرة حماة الوطن، والأسرة المتميزة في رعاية أصحاب الهمم، وأسرة المستقبل، والأسرة المتطوعة، والأسرة الممتدة. والثالث، هو مجال الجهات الداعمة الذي يقدِّم جوائزه إلى المؤسسات الداعمة لقضايا الشباب، وأصحاب الهمم، والأسرة، إلى جانب الشخصية الداعمة لقضايا المجتمع.
وهذه المجالات والفئات المندرجة تحتها، إلى جانب القواعد والشروط التي تُمنح الجوائز على أساسها، تُعدُّ مدرسة حقيقية تنعكس فيها القيم الإنسانية في أبهى صورها، ما يجعل من البرنامج، بأدبياته وممارساته نموذجاً للعمل الذي يجتمع له وضوح الهدف وسبل تنفيذه، إلى جانب نبل المقصد، والكفاءة والإتقان، وليس هذا بغريب على عمل تقوده «أم الإمارات»، التي أصبحت رمزاً مشرقاً لنهضة المرأة العربية، وعطائها الإنساني الذي لا تحده حدود.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.