في ظل تخطي أعداد وفيات فيروس كورونا حاجز الـ 200 ألف، وإصابة ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص، وبناء على تواتر الآراء التي تشير إلى أن تطعيم فعال وآمن ضد الفيروس يقي من العدوى، لن يكون متاحاً قبل عام أو أكثر، تتجه أنظار الكثيرين إلى الأبحاث المتعلقة بالعقاقير والأدوية التي يمكنها أن تساعد في العلاج، وأن تخفف وطأة المرض على من أصيبوا به.
وبالفعل، يتم حالياً اختبار أكثر من 160 عقاراً حول العالم، أغلبها عقاقير موجودة ويتم استخدامها في المجال الطبي لأغراض أخرى. أحد أهم الدراسات التي تبحث في هذا المجال هي المعروفة بدراسة التضامن (Solidarity Trial)، والتي أطلقتها منظمة الصحة العالمية. وتُعنى هذه الدراسة، والتي تتم في عدة دول في آن واحد، بمقارنة أربعة عقاقير، لمعرفة مدى فعالية كل منهم في علاج كوفيد-19.
أما أكبر دراسة في هذا المجال، فقد أطلقها بداية الشهر الجاري نظام الرعاية الصحية الوطني في بريطانيا، وتُعرف باسم دراسة النقاهة (Recovery Trial)، وتشمل أكثر من 5 آلاف مريض من 130 مستشفى في مختلف أنحاء بريطانيا. ويتوقع أن تظهر نتائج هذه الدراسة في غضون شهور قليلة، وإذا ما أثبتت أحد العقاقير الخاضعة للدراسة فعاليته، حتى ولو نسبياً، فسيتم استخدامه على الفور في علاج المرضى التي تتصف حالتهم بالخطيرة أو الحرجة.
وتتجه هذه الدراسات جميعها في ثلاثة اتجاهات؛ الأول هو الأدوية المضادة للفيروسات، والتي تثبط بشكل مباشر من نشاط فيروس الكورونا، ومن قدرته على التكاثر داخل الجسم. الاتجاه الثاني يختص بالأدوية والعقاقير التي تهدئ من جهاز المناعة، نظراً لما اتضح منذ ظهور الوباء، بأن ردة فعل جهاز المناعة المبالغ فيها عند الإصابة، تتسبب هي الأخرى في مضاعفة الضرر، أو ما يعرف بالضرر الجانبي أو الإضافي. أما الاتجاه الثالث فيسير في طريق استخلاص الأجسام المضادة من سائل الدم (البلازما) للأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس، وشفوا منه. ويسعى هذا الأسلوب المعروف باسم بلازما الشافين (convalescent plasma) إلى استخلاص الأجسام المضادة من بلازما الناجين وحقنها في أجسام المرضى المصابين.
وجدير بالذكر هنا، أن جميع هذه الأبحاث، وما تطرحه من احتمالات، هي لا زالت في مرحلة الفحص والتدقيق، ولم تثبت فعالية أياً منها، ولذا يجب الحذر من الادعاءات والشائعات التي تروج لفعالية هذا الدواء أو ذاك. فحتى تاريخه، لم تثبت بعد فعالية أو سلامة أي من الأدوية والعقاقير في علاج فيروس كوفيد-19، أو في تحقيق الوقاية ضد العدوى به.
*كاتب متخصص في الشؤون العلمية.