يقول «ايكهارت تول»، أحد أشهر فلاسفة العصر الحالي، إن في حقل الطاقة الخاص بكل واحد فينا، يوجد «ألم عاطفي» متوارث. هذا الألم يجمع جزءاً من الآلام التي عاشها والدانا أو مجتمعنا، أو حتى العرق أو الجنس الذي ننتمي إليه. وهو ألم ناتج عن مشاعر ندم أو إحساس بالظلم أو شعور بالذنب.. إلخ، ورغم موت أصحاب هذه المشاعر إلا أن مشاعرهم التي ورثناها تظل كامنة فينا، بل ومستنفرة طوال الوقت تنتظر المؤثرات المحيطة لكي تتغذى عليها لتنمو وتبقى، ولتصبح فيما بعد قادرة على الانتقال إلى الآخرين، كالأبناء أو المحيطين بنا.. بلا أدنى ذنب لنا، وبطبيعة الحال ما نورثه للآخرين بلا ذنب لهم.
يؤكد الفيلسوف الألماني أن كل ما يستطيعه الإنسان أمام تلك الكتلة الموروثة، أن «يتوقف عن تغذيتها بأفكار وعواطف سلبية جديدة تضخمها، فتقلب حياته وحياة من حوله إلى تعاسة»، ولكن هل يمكن حقاً أن يحدث ذلك؟ إن «كتلة الألم» سريعاً ما تجد غذاءها من التجارب المؤلمة التي يمر بها الإنسان جبراً منذ طفولته، وخصوصاً أن الوعي في هذه المرحلة يكون في أضعف حالاته ما يزيد من شراهة «الكتلة». وعندما نكبر، تكبر معنا «كتلنا» التي تجد في الطبيعة الإنسانية النازعة دوماً إلى تأبيد الذكريات والمكوث طويلاً في الماضي، مجالاً حيوياً للبقاء، وكل تجربة مؤلمة تمر علينا تشكل غذاء مناسباً لها قبل أن نغرق في التعاسة وأمراضها، كما يجب أن نتجنب من يصلون إليها؛ لأن قابلية العدوى منها عالية جداً.
إن وعينا بكل ما سبق وتفهم أسبابه، كفيل بأن يجعلنا نراقب أرواحنا باستمرار، لنتجاهل كل الماضي بذكرياته المؤلمة، ونواجه التجارب الراهنة بحزم قبل توديعها تماماً، ونتجنب الطاقات السلبية المحيطة بنا، حتى لا تصبح أرواحنا مستباحة لخفافيش الهم والحزن، وحتى لا نُورثها إلى أرواح أخرى بريئة لا ذنب لها. بالتأكيد تبدو هذه العبارات سهلة ويسيرة في كتابتها، غير أن الاقتناع بها قد يهون من صعوبتها الفعلية، فالقناعة بقدرتنا على إدارة آلامنا أمر ممكن التحقق.