منذ أزمنة بعيدة، انتشرت في أجزاء من الخليج العربي عادة حميدة، تعود كل عام في النصف من شهر شعبان هي الاحتفاء بـ«حق الليلة»، وهي عادة تجمع بين الموروث الاجتماعي والاهتمام الديني، وكأنها تذكير بأن الشهر الفضيل، رمضان، على الأبواب، ويحتاج الاستعداد وتهيئة النفوس، بأن تتحول في توجهاتها، وتغير نمط حياتها اليومية والروتين المعتاد، حيث إن رمضان بات قريباً، وهي فرحة كبيرة بشهر العبادة المكثفة من صوم وصلاة وتراويح، وأيضاً تعميق التواصل الاجتماعي والأسري، وكذلك تبدل كل شيء ليناسب هذا الموسم الكريم، رمضان العبادة والتواصل والمحبة. 
واليوم تبدأ البشارة والإعلان بأن الوقت يمضي سريعاً وعلى الجميع البدء والاستعداد لأيام الصيام والقيام. وهذه العادة «حق الليلة» عند أهل الخليج أو بعضهم وعلى الخصوص في تراث الإمارات الذي له تاريخ طويل مجيد، وعادات قديمة راسخة، على مر الزمن، حيث ظهرت عادة الاحتفال بقدوم رمضان والنصف من شعبان، وحملت المناسبة هذا الاسم «حق الليلة»، وهي، كما سبقت الإشارة، مناسبة احتفالية، وتعليمية للأطفال والصغار، لإشعارهم بأن شهراً كريماً قادم، هو رمضان المبارك، الذي يجب أن يتهيأ له الجميع، ومنهم الصغار، فقد يصوم بعضهم أو يتدرب على الصيام.
والاحتفال هو تعظيم لشهر العبادة والطاعة، حيث يدرك الأطفال والصغار، من خلال هذا التحول، أن عليهم الاستعداد لفترة زمنية وشهر مختلف عن كل الشهور، إذ إن هؤلاء الصغار، بعد هذا التغير والاستعداد، سيتغير عليهم نمط الحياة اليومية للناس، صيام من الفجر إلى الغروب، وصلاة وعبادة ممتدة طوال الشهر الفضيل. و«حق الليلة» عادة اجتماعية قديمة، لأهل الساحل راسخة في التراث والعادات والموروث الاجتماعي، وقد استمرت هذه العادة الاجتماعية الجميلة، حيث إن لها غايات وأهدافاً تخدم الجانب الديني والمعرفي، وهي من المناسبات الدينية والاجتماعية الجميلة. 
ولا شك أن التواصل والتراحم بين الأهل والجيران من أهم العوامل التي تقوي الترابط الاجتماعي، حيث تقوى صلة الأرحام وتربي القلوب والأنفس، وهي عادة تزرع المحبة وتنشر الود وتظهر روح الكرم والمودة والعطف على الصغير والضعيف والكبير. ومن مظاهر هذه الليلة مشاهدة الأطفال يمرون بالبيوت والجيران والأهل وكل سكان الحي، توزع عليهم الحلوى والمكسرات والهدايا. بل إن أجمل منظر ومشهد يمكن أن تراه هو مجموعات الأطفال وكأنهم عصافير ملونة تطير في البساتين، فرحين مبتهجين، بهذه الليلة، وبالملابس الجديدة والجميلة. أطفال كالورد في ليلة رائعة، الجميع فيها فرح وسعيد، إنهم البشارة برمضان الكريم وقدومه البهي.