هبت نسمة باردة من الجنوب، في مساء يستعجل الليل، اختبأت الشمس رويداً رويداً خلف جبال حتا، أنشد طائر الحمام أغنيته المسائية الجميلة، في مزيج من النداء والغناء ترحيباً بالأصيل والهواء البارد العليل الذي رقصت على أنغامه خوص النخيل، وانثنت أغصان أشجار المانجو العالية. مساء الجبال حالة بديعة وصورة رائعة وغامضة بين ظلال التلال المرتفعة ورحيل آخر خيوط النهار. من بعيد تأتي العصافير والطيور في رفيف مستعجل، وسباق بديع لتأخذ أماكنها في أعالي الأشجار حيث أعشاشها، نسمات المساء وهدوء الجبال وسكينة المكان تطرح حالة من الحب والنشيد لقراءة الليل الهادئ والصامت، المطرز بالنجوم المتلألئة، مثل المصابيح المنيرة والمضيئة وهي تحرس المساء/ الليل حتى تشرق شمس النهار، ويتمدد الضوء على اتساع تلك المنحدرات، حيث تزهر الجبال والسفوح والوادي، ويظهر أثر الأمطار التي هطلت منذ أشهر، على تلك المنطقة الجبلية الجنوبية من أرض الإمارات الجميلة تنبت زهور الجبال والسفوح والمنحدرات الكثيرة، أزهار تناسب البيئة وتتأثر بصلابة الأرض وخصوصية التربة فيها، وتكاد تحضر في ألوان ثلاثة أو أربعة، صغيرة الحجم، زاهية المنظر وبديعة الأشكال والألوان. تبرز الوردة الصفراء الصغيرة والجميلة، التي تظهر بوضوح تام، وتشاهد من بعيد، رائعة المنظر على الرغم من صغر حجمها، ثم الأزهار البيضاء، والبنفسجية، ويزداد جمال المكان وروعة المشهد عندما تختلط الألوان، اللون الأصفر البديع مع الأبيض الزاهي، والبنفسجي الهادئ. زهور صغيرة جداً ولكنها تضفي على الحياة البرية والجبلية بهجة بهذه الطبيعة الجميلة الساحرة. 
الحدائق في المدن تمتاز بالتنوع وتعدد ألوان الزهور والورود، وهي الأهم دائماً في الحدائق والبساتين، وهي التي تبعث الجمال والبهجة والسرور، وتحتاج أن ننتقل إليها ونزورها لتتمتع بتلك المناظر والمشاهد، أو أن توجد لديك حديقة خاصة في المنزل بها مساحة أو زاوية للأزهار والورود، ويتطلب ذلك أن تتعب على العناية بها لتستمر في عطاء الأزهار والاخضرار الدائم، تسقي كل يوم وتعتني بالتربة والتقليم والرعاية الدائمة دون انقطاع وكأنك تراعي طفلاً صغيراً لديك. أما هنا، في هذه الطبيعة الجميلة، فإن الأزهار والورود والشجيرات الخضراء الجميلة، هبة من الله والطبيعة لا تحتاج لأن يرعاها أحد، غير المطر والشمس والنسمات العليلة، التي تهب على الجبال والسفوح والوديان، وتجعل كل شيء بديعاً وجميلاً، حتى روح الإنسان هنا تنطلق وتحلق في أرض الله الواسعة، بحب وحبور وانشراح، تخال نفسك طائراً حراً يفرد جناحية للريح، ويتبع مسرى النجوم والسحب والنسمات الباردة العليلة، التي تهب على الجبال والدنيا وتبعث فيها حرية التحليق. هنا قد تصبح مغنياً أو شاعراً أو موسيقياً تترنم بحب الحياة والجمال والأزهار البرية والجبلية. نسيم الريف والجبال بديع في الأمسيات الحالمة، غنّى للحياة قصيدة حب في الوجود، لا تلتفت لأي شيء، عش كائناً روحياً مرتحلاً خلف ما يسعدك ويفرحك، لا تبالِ بالصعاب، فإن نهاية كل شيء إلى الزوال، بالتأكيد، في آخر المطاف. التحليق في سماء الله الواسعة هو أجمل ما يمتلكه الإنسان. كن إنساناً حراً يعشق التحليق بعيداً.