ترحل الأيام سريعاً، تغيب بعض الأشياء، أيضاً سريعاً، وقد يفاجئك غياب بعض الأصدقاء ورحيلهم المستعجل من الحياة، يترجّلون ويتركون أثراً مؤلماً، وترحل معهم الأيام الجميلة التي جمعتك بهم. هكذا هي الحياة دائماً تأتي بالمفاجآت غير المتوقعة فقد تأخذ الأحباب والأصدقاء، مباغتة وفي رمشة عين. فقبل أعوام تفاجأت برحيل أحد أفضل الأصدقاء في لمح البصر، أو بصورة سريعة ومفاجئة، رحل وترك حسرة في القلب وحزناً كبيراً في النفس، امتد طويلاً. ثم جرت الأيام والسنون، في دورة طبيعية للحياة وسننها.. وفجأة يرحل مجدداً أحد أفضل الأصدقاء أيضاً، وقد عرفته زمناً طويلاً، حيث كنا ثلاثة أصدقاء، لا نكاد نفترق أبداً ونلتقي كثيراً، في مختلف الأنشطة الثقافية في الإمارات، حيث تجمعنا مشتركات كثيرة، ناصر جبران وعزت عمر وأنا.
كانت خسارتنا الأولى وفاة الصديق العزيز ناصر جبران وبصورة مباغتة وسريعة، ترك رحيله مساحة فارغة في القلب وحزناً كبيراً. والآن يرحل الصديق العزيز عزت عمر، الأديب والناقد والكاتب السوري الجميل. لقد قدم الكثير للساحة الثقافية الإماراتية، وكذلك لميدان التعليم في الإمارات، كان معلماً ومدرساً، ساهم في إثراء التعليم بعلومه وخبرته وثقافته الواسعة، وساهم أيضاً في إثراء الساحة الثقافية بعمله ونشاطه وكتاباته الثقافية، وكان أحد أبرز المشتغلين بالنقد الأدبي والإبداعي، وكتب في أهم المجلات الثقافية والدوريات العربية، وحتى قبل أن يترجّل كان قلمه شعاعاً من التنوير والتحليل والكتابة الرزينة المتميزة، عبر مجلة «الشارقة الثقافية». 
والأستاذ الصديق عزت عمر من الكوادر العربية التي ساهمت بجد وإخلاص في إثراء العمل الثقافي والمعرفي في الإمارات، ولم يكن شخصاً عابراً، وإنما كان مجتهداً وذا حضور فاعل في الأنشطة الثقافية، وعبر سنوات عمله واشتغاله في مجال التعليم والثقافة، كان ذلك الرجل الصادق والمحب للساحة الثقافية الإماراتية، وأيضاً المحب للإمارات، يصرح دائماً بعمق علاقاتها بينها وبين سوريا الحبيبة بلده، بل إنها في قلبه مثل مدينته حلب التي يعشقها كثيراً، ويذكرها لنا كلما جاءت مناسبة للحديث عن سوريا.
يترجل «أبو العز» عزت عمر ويترك في صدور الأصدقاء حزناً وحسرة، لهذا الرحيل المفاجئ. بالتأكيد لن يغيب عن الذاكرة، كما أن كتاباته وإصداراته ومساهماته الكثيرة في مجال الثقافة والأدب ستظل حاضرة وشاهدة على حضوره الدائم، وعلى الأخص في أذهان الذين عرفوا الأديب والناقد عزت عمر. تمضي الخيول في عدوها وطريقها إلى البعيد، ورغم اختفائها في الأفق، لا يطويها الغياب، فلن يغيب صدى حوافر ذلك العدْو المجنح الجميل.