كنز الجيل، مشروع مركز اللغة العربية للألفية الثانية وهو المشروع الذي يغرد في أسماع الموروث الشعبي ومفصله الأساسي الشعر النبطي، هو ضمير الذائقة الشعبية، وهو ديدن الموسيقى الداخلية التي يزخر بها تاريخ الإمارات، ويزهو ويزدهر هذا التاريخ التراثي الذي أثمرت أشجاره فطاحل الشعر الإماراتي، وسدنة محاربيه، وحراس وعيه، وعشاق منازله، ونساك جماليته، وربابنة أنساقه وبوصلة بحوره وقافية شجوه، ومايسترو وزنه.
اليوم يبدو مركز اللغة العربية في دائرة الثقافة والسياحة يقف حارساً، ونابساً، وقابساً لحركة الفكر بشكل عام، ودورة الأدب بشكل خاص، وهذا أمر طبيعي لأن مركز اللغة العربية يدار بعقلية تجاوزت حدود الممكن الثقافي، ولامست شغاف الأفق الأبعد، مما يجعل التوجه يذهب بالثقافة إلى مآلات تغرف من اللاشعور الجمعي أجمله، وتنهل من الوعي الجماعي أنبله، وتقدم للمتابع النابه كل ما يضيف إلى الذاكرة من قطوف، وهتوف تغير من الراكد ليصبح موجة تلامس شواطئ الذهنية، فتمنحها التفاؤل المطلوب لمواجهة عالم تتغير فيه الأشياء، ولا يركن للراسب المتراكم صدأ المحفور في جسد الحياة كأنه البثور الناتئة خباثة.
مركز اللغة العربية بصالونه وصولته، وصياغته للواقع الثقافي، استطاع أن يذهب بالمعنى إلى وثبات أضاءت شموع التنوير في طريق الحياة الثقافية، وجعلت من الحركة الابداعية جدول نماء، ونهر عطاء.
الحقيق نحن في كل صباح نمسح جبيننا على خبر مبثوث من حبر الحماس الواعي، يشير بالبنان إلى أن مشروعاً جديداً يتمخض عنه المركز، وأ في الأفق يتشكل برعم وآخر، وهذا الجهد لم يأتِ من فراغ، وإنما هو نتيجة تفكير سنده القلق اليومي على الاستمرار دوماً في حالة حراك ذهني وتغذية المركز بالجديد النافع، وهذا في الحقيقة ديدن كل عشاق مهنة الثقافة، والمدنفون حباً بأهمية أن تكون الإمارات حاضرة بقوة في المشهد الإبداعي، وهذا ما ترتئيه القيادة من صناع الوعي في بلادنا السعيدة بأبنائها المخلصين، الجادين، السائرين على نهج الأفذاذ الذين صنعوا مجد الحضارة الإنسانية والذين فجروا منابع الخير لكي ترتوي فطرتهم من عذوبة ما ينبع من عيون الإبداع الإنساني.
تابعنا ولاحظنا منذ تأسيس مركز اللغة العربية في دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي كيف تحركت المياه الآسنة، وكيف حركت العصافير أجنحة التحليق مرفرفة بفرح عندما أصبحت أغصان الثقافة مزدهرة بثمار الإبداع، زاهية بقناديل العطاء، ولا شيء يحرك خطوات الحياة غير الفكر عندما يكون مثل نورس يحدق في الشطآن بحثاً عن زعنفة الجمال المهيب.
لاحظنا هذا والتصقنا بالمفهوم الجليل الذي تبناه المركز، سعداء بهذا المنجز فرحين بالإبهار الجميل.