نحن اليوم وفي عصر اختلطت فيه الثوابت، وتغيرت القيم، بحاجة إلى خض العقل، وتحريك مياهه الآسنة، لإعادة الأمور إلى نصابها، وجرد الحسابات الخاطئة، السابقة، ومنع حدوثها، وهذا ما ترومه الإمارات، وهذا ما ترنو إليه، وهذا ما تصبو من أجله، منطلقة من مبادئ زايد الخير، طيب الله ثراه، وسائرة على نهجه، وما كرسها من معانٍ، ومثل في الضمير الإماراتي.
فاليوم للغد، وغداً ينتظر منا جيل سيضع الأسئلة أمامه، ويكتب على سبورة الحياة ماذا قدمت الحضارة لنا؟ سيكون الرد، على لسان طير يحلق في سماء الإمارات، ويحدق في الوجوه التي أكرمته، كما أنعمت على المخلوقات جميعاً، ويقول شكراً لهذا البلد الكريم، وألف شكر لقيادة ما وفرت جهداً، ولا ظنت بإمكانية، بل أعطت، وأسخت في العطاء، ورسخت مفاهيم البيئة النظيفة، في كل حارة وزقاق، وشارع، وكان يقينها أن البشرية سوف تكون في وجه مختلف، وهي ترتدي سندس الوعي، واستبراق الإدراك، بأننا يجب أن نرتقي بنقاء السريرة، كما نتطور بصفاء البيئة.
هذه هي رؤية الإمارات وهي تنسج مفهوم الاستدامة، وهي ترتل آيات الحلم الزاهي، وهي تشدو في فضاء العالم، باذخة في وعيها، مترفة في سعيها، ثرية في بذلها، قوية في مواقفها، صلبة في دفاعها عن مبادئها، صارمة في تعاطيها مع الآخر، سخية في تسامحها، جزيلة في تضامنها مع معطيات الطبيعة، بهية في تطلعاتها، ندية في طموحاتها، الأمر الذي جعل الإمارات تتوسط العالم في ولوجها محيطات السياسة، وتتمتع بثقة الناس أجمعين؛ لأن مساعي الإمارات باتجاه سلام العالم لا يراد من خلاله، جزاء، ولا شكور، بل هي الأخلاق الإماراتية التي تسطع في كل محفل، وكل منصة، هي الشموس الإماراتية التي تضع في الحسبان دوماً، أننا شركاء في الحياة، وأن قواسمنا مشتركة، ولا مجال للمراوغة، ونكران الحقائق، ولا مساحة للهروب من الواقع الذي تفرضه هذه الحقائق.
للإمارات اليوم فرعان لشجرة واحدة، شجرة الحب سابق للكره، هذان الفرعان هما، الاتجاه نحو الإنسان بكل شفافية، وهذا ما تقوم به رسالتنا السياسية، والفرع الثاني هو الاتجاه نحو الطبيعة، الأمر المهم جداً في طبيعة العلاقة بين الإنسان، الأرض التي تسير عليها أقدامنا، ولا خطاب سوى خطاب التوازي لهذين الطريقين، طريق إلى الإنسان، وآخر إلى الطبيعة.