عندما تزأر أسود الأطلس.. عندما يزأر الأسد في الغابة، يسمع صوت زئيره في محيط يقدر بعشرة كيلومترات، لكن عندما زأر أسود الأطلس في وجه منتخب بلجيكا، سافر صوت الانتصار إلى المحيط قادماً من الخليج العربي، هكذا رفعت بطولة كأس العالم في قطر راية القومية العربية، إذ تدق الأكف في القاهرة كما في أبوظبي، كما في الدار البيضاء، كما في الرياض، كلما حقق منتخب عربي نصراً. وهذا أمر لا تحققه بلاغة الخطب، ولا حصص التاريخ والجغرافيا، وإنما هي كرة القدم التي فعلت ذلك يوم فوز السعودية على الأرجنتين، ويوم فاز منتخب المغرب على بلجيكا.
لم تعد المنتخبات الكبرى أشباحاً لا تعرف المنتخبات العربية كيف تواجهها، وأظن أن ذلك من دروس هذا المونديال الذي يقام على أرض عربية لأول مرة منذ عام 1930. فهل الأرض أنبتت الثقة في القلوب أم الآلاف من المشجعين، أم هي الثقة والشجاعة وجودة الاستعداد؟ الإجابة هي هذا كله. ففي كرة القدم يؤثر كل شيء في النتائج.
بدأ المنتخب المغربي المباراة بشجاعة، فهاجم وضغط على البلجيك، ونجح وليد الركراكي في إدارة المباراة ولعب بتوازن دفاعي وهجومي. ومارس تكتيك نقل اللعب إلى ملعب بلجيكا بالتمريرات الطويلة في الشوط الأول عبر الجناح حكيم زياش، ثم طور من الأداء في الشوط الثاني. لكن هل حقاً هو الفارق في متوسط الأعمار بين المنتخبين كما قال دي بروين، الذي وصف منتخب بلاده بأنه «كبير السن» (متوسط العمر 30 سنة) مقابل متوسط مغربي (27 عاماً)؟ ربما يكون ذلك صحيحاً إلى حد بعيد، إلا أن منتخب بلجيكا ليس بالفعل هذا المنتخب الذي سافر إلى قطر مرشحاً، وهو واقعياً لا يستحق ذلك.
كانت مباراة إسبانيا وألمانيا صراعاً في البيت، هجمة هنا وهجمة هناك، ومحاولة ثم محاولة مضادة. تفوق الإسبان أساتذة التمرير، وعندما أعطى ألفارو موراتا فريقه الصدارة، واجه فريق هانزي فليك احتمال رحيله الثاني على التوالي في دور المجموعات، لكن اتضح أن ألمانيا لديها «الرقم 9» واسمه نيكلاس فولكروج، يلعب في فيردر بريمن، ويبلغ من العمر 29 عاماً، وبعد 11 يوماً من مسيرته الدولية، منح بلاده الأمل في الاستمرار في المونديال.
تقول مجموعة الدراسات الفنية في الفيفا التي تحلل مباريات المونديال: «كرة القدم تتطور، ولم تعد هناك مفاجآت، في فوز السعودية على الأرجنتين، وفوز اليابان على ألمانيا، وفوز المغرب على بلجيكا»
** إذن ماذا تقول مجموعة الدراسات الفنية على فوز كوستاريكا على اليابان؟
أسمع صوت ضحكات في قاعة اجتماعات المجموعة في قلب الدوحة تعقيباً على هذا السؤال.. هل تسمعون؟!