في العوالم، وفي المعالم، وفي زحام الكون، في ضجة العام يقف هذا النسر، هذا السبر، هذا السؤال والخبر، هذا الحلم والجذر، هذا الفاصلة والسطر، هذا الحب والقدر، هذا الكلمة والشعر، هذا الكون والنجم والقمر، هذا الضوء في دياجير البشر، هذا النسق المتألق والنهر، هذا الصحراء والبيداء والبحر، هذا الطير والخير والشجر، هذا أنا وأنت وهم وكل من غابوا وحضروا، هذا السر الدفين في الأعماق، والدهر، هذا وحدة الوجدان وانسجام الإنسان على أرض منّ عليها الله بخير النعم، وأفضل القيم، هذا علم وعلم، وعلامة وقمة ومقامة وقوامة، هذا كل ما في الوجود يلهج باسمه وتبوح الحمامات تغريداً، وسرداً بحبه، هذا كل ما في الوجود يغني لأجله، ويرفع النشيد لشأنه، هذا حلم وحياة وطن، وجيل يعقبه جيل، والسارية شاهقة، متناسقة، باسقة، تعزف سيمفونية أجمل الأوطان، وأعذب الألحان، هذا مهجة الوطن وسمعه وبصره، هذا كله وبعضه، هذا نهره وبحره، هذا في الأنام غاية ورواية، وحكاية أمة صنعت من الصحراء وجوداً، ومن محارة البحر قلائد، ومن نهمة البحار نشيداً، ومن موال المسافر براً قصيدة، هذا هو الحر في فيافي النهار يمسك بنافلة وفرض، ويرفع قماشة البهجة محتسباً للذين يقسمون ألا تدنو ساريته من الخفيض، وألا تلمسه إلا أيد طاهرة منزهة من الغث، والرث.
هذا عنوان وسنوات وطن العزة والشرف الرفيع، هذا نقطة آخر السطر ولا شيء يوازيه ولا شيء يساويه.
هذا كتابنا وهذا ديدننا، وهذا حلمنا ويقظتها، هذا نهجنا ومنهاجنا، هذا غيمتنا الممطرة، وهذا نخلتنا المثمرة، هذا، وهذا، وهذا قصيدتنا الأحلى، والأحلى في الليالي المظفرة، هذا في وعينا، وفي إدراكنا حليب الطفولة، وفي الكبر هو الذاكرة المبصرة، هذا نهارنا وتجليات شمسنا، هذا مساؤنا، وهذا صفحات تاريخنا المشرفة، هذا سورنا وسيرتنا المجلجلة، هذا مكاننا وزماننا، وهذا على أرضنا الأيقونة المبجلة، هذا، وهذا، وهذا طائفة من مشاعر، وأحلام، وأقلام تسجل للتاريخ ملحمة وطن سار على الدرب ووصل، ولم يزل يكتب السيرة بحبر من ذهب الذين شيدوا، وعمروا، ونسقوا أزهار القلوب، بأنامل من حرير، والذين رتبوا الصفوف بكلمة حق من أجل الحقيقة، هذا هو كل السر في شموخ هذا العلم، ورسوخ هامته.