بعيداً عن فريضة الحج التي نعيش أجواءها هذه الأيام، وهي التي فُرضت لمن استطاع إليها سبيلاً، وصعبت على الكثيرين ليس بسبب القيود المفروضة جراء جائحة «كوفيد-19» التي ضربت العالم، وإنما حتى قبل ذلك بسبب ممارسات مقاولي الحج الذين يفرضون أرقاماً فلكية لخدماتهم، بعد أن صنفوا الحج درجات من «الفي آي بي» إلى «الفي الفي الفي آي بي» والأخير كان يصل لأكثر من مائة ألف درهم!! 
نتناول اليوم إصرار البعض على السفر الترفيهي والسياحي رغم محدودية إمكانياته واستسهاله الاقتراض من البنوك الجاهزة بشباكها ومصائدها للإيقاع بأمثال هؤلاء.
تزامنت الإجازة الصيفية هذا العام عند البعض مع إجازة عيد الأضحى المبارك التي تبدأ من يوم غدٍ، وقد شهدت ارتفاعاً جنونياً في أسعار تذاكر السفر بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، وتفننت شركات الطيران في ابتداع «التخريجات» والمبررات في موسم يعد الذروة بالنسبة لها، خاصة أن حركة السفر والسياحية قد دبت فيها الروح بعد نحو ثلاثة أعوام عجاف؛ جراء الظروف التي مرت بها من تأثير «الجائحة» على القطاع وغيره من القطاعات الاقتصادية التي تضررت، وفي مقدمتها الحركة السياحية والفنادق.
أبسط القواعد الاقتصادية التي عرفها الآباء والأجداد في أزمنة بعيدة وحتى قبل ظهور النظريات المالية أن ينأى المرء بنفسه عن أي سلعة تكون فوق قدرته على شرائها حتى وإن كانت ضرورية، والبحث عن بدائل لها، فما بالك بأمر من الكماليات؟ ويندرج ضمن الترفيه والترويح عن النفس يمكن الاستغناء وإرجاؤه إلى حين تتيسر فيه الأمور وتنفرج الأحوال. ولكن أن يقترض المرء ويكبل نفسه بأقساط لأعوام لمجرد أن يسافر ويتباهى أمام أقرانه والجيران بحجة حرارة الجو وكأنه من سكان الإسكيمو، فذلك أمر غريب يكشف عن خلل في تقدير الأمور ووضعها في نصابها الصحيح.
كنت أتمنى من دوائرنا السياحية التقاط الفرصة وتوفير خيارات للناس بحسن استغلال الأماكن الترفيهية المغلقة والمسابح والفنادق وإتاحتها للجمهور بأسعار في المتناول من خلال عروض ترويجية مشجعة، ولكن للأسف غياب البدائل جعل البقاء خياراً إجبارياً للذين لا يحبذون السفر في ظل ارتفاع التكاليف التي تحدثنا عنها، وعدم الانجرار وراء بريق الإعلانات والعروض التي تروج للسفر والسياحة بالأقساط وحتى إعلانات المصارف إياها المتخصصة ليس فقط في جر متعامليها إلى مصيدة القروض الشخصية، بل وإدمانها عن طريق ما يسمى بتجديد أو شراء القرض.