العرب من دون خلق الله غيرهم - ولا أدري إن كان الوضع ذاته مع إخوتنا المكسيكيين- تجدهم يحمّلون الآخرين مسؤولية أهلهم وتعبهم وشقائهم وبؤس حالهم، العربي ما أن يراك، ويوزن ما في جيبك، وطيب قلبك، ووجهك الخجل، حتى يبدأ بطرح بساط أهله غير العشبي، ولو كنت لا تعرفه ولا تعرف أهله، لكنها طريقته في استدرار العطف، وشحذ الشفقة، وكسب المال بطريقة مجانية، رأسمالها استعمال جمل معلبة، اخترعها آخرون أيام تفشي وباء الكوليرا، وانتشار الطاعون، ووجه مثل اللوح وأخشب، فيكيل لك بلا ميزان عن مدى ذلك الشقاء الذي يعيش فيه وأهله، وأن المطر قل، والمحل حَلّ، حتى جف الضرع، وهلك الزرع، ويقينه بالله وبك، يا وجه الخير، ونسل الشهامة، أما إذا ما لانت المسائل بينكما، وبدأت تطارحه الود والاستلطاف، وتخالطه في المسامرة والمنادمة، فاعرف أنه سيبيّت لديك كل ليلة مريضاً من عائلته أو سيبكي لك ما حلّ به ليلة الأمس بعد فراقك وهو الذي لا يحب فراقك، إن خالته التي بلا محرم أو سند أو عضد، فجأة تكسحت، وتحرولت، ولم تقوَ على السير أو النهوض، بالطبع لو عرضت عليه طبابة أو دواء، سيتحول فجأة إلى طبيب معالج، جازماً أن حالتها ميؤوس منها، وهي لا ترجو إلا الشفاعة، وتجهيز كفنها، وأن تعيش أيامها الأخيرة في هناء، مُقَبّلة صوب القبلة، وهكذا.. يبدأ بالزحف نحو جلب المال، لا إصلاح الحال.
العربي دائماً عذره عائلي؛ إن تأخر عن الدوام، والله الحرمة جاءها الطلق، وضحينا بالوليد من أجل إنقاذ الأم، ولو كانت الحرمة في سن اليأس،  منقطعة الطمث، مقاول لم ينجز البناء في وقته، ويخاف من الجزاءات المالية المترتبة، ما له إلا عائلته التي خالطت وأُصيبت بالـ«كورونا»، واحد يمشي وراك ساهياً، لاهياً، ومشغولاً بتلفونه، ودعمك، ينزل من سيارته وكأنه أحد أحفاد البؤساء الذين خلفهم «جان فالجان» ونساهم في التيه، فيطلب منك السماح، لأن عنده ظرف عائلي، ودائم التفكير فيه، وأنه يعيل أسرة كبيرة، ليحملك مسؤولية أهله، ومسؤولية وجودك أمامه في هذه الظروف الخارجة عن إرادته، سائق يوصلك إلى المطار، وقبل أن تصل لمنتصف الطريق، تجده قد جندّل ثلاثة من عائلته أمامك، لأسباب صحية عديدة، فشل كلوي، تعطل الطحال، انسداد في الشرايين، وتتساءل كم ترى من مرة روى تلك الحكاية في طريقه الممهد من وإلى المطار، وهناك فئة من العرب تخصص كوارث طبيعية، يعني زلزال في جاكرتا، سيظهر ابن له يدرس حينها هناك فجأة، تسونامي في أميركا، بعض من أفراد عائلته والمسؤول عنهم مسؤولية مباشرة يتعالجون هناك، وهم الآن عالقون، خراب في مالطا حدث منذ القرون الوسطى، سيجد له منفذاً إلى هناك، بسبب أن بعض من أفراد عائلته  كانوا على مركب في عرض البحر بالقرب من مالطا أثناء خرابها، وقد حاول أحدهم أن يؤذن فيها.. لا حيلة مع العربي، ومع ظروفه العائلية الدائمة!