كما تجري الأنهار بين الحقول، وكما تظلل الرموش العيون، وكما تغدق الأشجار على الطير الدفء، وكما تسرد الأحلام سر الفرح، وكما تمشط الموجة جدائل السواحل، تمضي الإمارات في خيرها إلى حيث تكمن حقيقة الحاجة في ضلوع المعوزين، وتقف كتفاً بكتف مع دول العالم، منتشلة قلوبهم من تحت جحيم السؤال، منغمسة بعمق في مد يد العون للناس جميعاً، بالغوث، ومنح المساعدة، وتسهم في رفع الضيم، والظلمات عن عيون أسغبها الفقر وأتعبها التنفس من تحت ملاءات الظمأ، وأتعستها الظروف الطبيعية، وما يتبعها من تصاريف الزمن.
الإمارات أخذت على عاتقها مسؤولية الانتماء إلى الآخر، بأخلاق الأوفياء، وقيم النجباء، وسجية النبلاء، منسجمة مع ذاتها متخذة قرارها الوجودي من رجع الصدى لتاريخ تأسس على الاندماج مع الآخر، والتناغم مع متطلباته الإنسانية، ذاهبة في عمق التعاطف، والتضامن، وفتح قنوات التواصل حتى آخرها، فلا توجد فواصل، ولا توجد هضاب، وجبال في طريق الإمارات لفعل الخير، فكل الطرق ممهدة بمخمل المشاعر الرقيقة التي هي نسيج القلب الإماراتي وهي قماشته الحريرية، ومنذ فجر نشوئها، والإمارات في بوصلة التأصيل للإخاء الإنساني تعمل على مدار الوقت، بحرارة، وشوق لأن تصل، وأن تفصل قميص الفرح لكل من داهمته الظروف بالقتر والشح، وضيق ذات اليد، كل ذلك يتم في وضح النهار، ويد تعطي، وأخرى لا تدري لأن الأمانة الفطرية تستوجب ذلك. ولأن الإمارات تعطي بلا منة، ولا تأفف، لأنها مؤمنة بأن خير الأرض لابد وأن يعود لأهل الأرض، وجميعنا إخوة في التراب، وإخوة في الإنسانية، لأننا كلنا وحلم الفرح بالحياة، نتجاذب أطراف هذا الحلم، ونمضي به قدماً لأجل أن تظل أمنا الأرض، مغسولة بماء العطاء، وليس بدماء الظلم والشقاء.
هذه هي الإمارات التي نتحدث عنها، تسرد قصتها، قدرتها الفائقة على البذل، من أجل عالم تسوده المحبة، وتجمعه الأواصر القويمة، وتلم شمله العلاقات السوية والتي من دون أغراض أنانية، أو مصالح ذاتية.
هذه هي الإمارات اليوم تسطع شمساً بخيوط ليلكية، متأزرة بمبادئ الأولين، والذين بنوا الاتحاد على أوتاد الصدق والإخلاص.
هذه الإمارات، على محمل الجد، ترسم صورة الإنسان القوي، عندما يتخلص من أفكاره المسبقة، وعندما يطور أدوات الحب بواسطة الشفافية، وعفوية المعطى.