التاجر الذكي، ذلك الشخص الذي يتعامل مع الدرهم باحترافية، يقدره ويحرص على وضعه في مكانه الصحيح، ويجعله قابلاً للتحول إلى دراهم كثيرة، بهذه الكلمات -التي بدت مبهمة للوهلة الأولى- تحدث إلينا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في لقاء سريع خص به مجموعة من الإعلاميين عام 2018، وكان يحدثنا بذلك وهو يفرك إصبعيه الإبهام والسبابة ببعضهما وكأنه يقبض على درهم بالفعل، كان قد ذكر لنا سموه ذلك أثناء التقاط صورة جماعية مع مجموعة من الإعلاميين والعاملين في «أبوظبي للإعلام»، وكان سموه يتأمل وجوهنا السعيدة بلقائه، فيما كان ذهنه مسلطاً على كلماته التي طرحها أمامنا بكل جدية.
لوهلة بدت طويلة إلى حدٍّ كبير، اعتقدت أنه أراد هذه النصيحة لغيرنا، وخصوصاً أن هناك عدداً من العاملين في القطاع المصرفي كان ينتظر دوره أيضاً لالتقاط صورة جماعية معه، لم أناقش الأمر مع أحد من زملائي، غير أن كلماته تلك لم تبرحني، وحاولت كثيراً مع نفسي أن أبحث عن مغزى كلمات سموه لنا، لماذا نحن بالذات؟ ما علاقتنا بالدرهم والتاجر، نحن أهل الإعلام..؟!
منذ سنوات تعدت العقدين وأنا أعمل في هذا الحقل ولم أفكر يوماً بأن لنا مهنة تشبه مهنة التاجر، وأننا نملك دراهم ذات قيمة كبيرة، يجب أن تستغل بعوائد تفوق قيمتها. وبعد حديثه أدركت بالفعل أن علينا دور استثمار ما نملكه لنحقق عوائد أفضل، عوائد ذات قيمة حقيقية ومنفعة مرتدة علينا أيضاً استثمارها، كالتاجر تماماً، الذي يملك الدرهم فيضعه في مكانه ليعود هذا الدرهم بدراهم أخرى وهكذا، والدرهم هنا ما هو أمامنا من إنجازات على أرض الواقع ومعطيات ندركها حولنا كل يوم، علينا نحن الإعلاميين أن نتعامل معها كقيمة معنوية ومادية علينا استثمارها لتعود إلينا أضعافاً مضاعفة إذا نحن وضعناها في مكانها المناسب.
كل حدث يجب أن يُستثمر على أكمل وجه، كل طاقة يجب أن تُستغل في أقصاها، كل قيمة يجب أن تعود على هذا البلد وأهله بأفضل صورة، واليوم ونحن نشهد أول أيام حدث «إكسبو 2020» على أرض الإمارات، علينا أن نتذكر القيمة التي وضعها أجدادنا وآباؤنا وقادتنا من مال ووقت وجهد لكي يكون الأمر على ما هو عليه الآن، علينا أن ندرك ذلك جيداً ونستثمرها على أكمل وجه، ونجني منفعة أكبر وأكثر وأهم مما قُدم.