في زمن الرقمنة، والسرعات الافتراضية، والعمل من منازلهم، والخصخصة، والعولمة، بالمناسبة ما تلاحظون أن كلمة العولمة التي كان الناس «حاشرينا بها» اختفت من على ظهر البسيطة، وربما جاءت الجائحة فقضت على من كان ينادي بها، ومن كان يناضل من أجلها، المهم في ظل كل شيء من بعيد لبعيد، لما لا تكون المخالفات المرورية أيضاً عن بُعد؟ خاصة في شهر مارس المجيد الذي زادت فيه المخلفات والغرامات كالسيل المنهمر، وكأنها بديل الغيث المنقطع!
لذا نطالب نحن المخالفين بتغيير صيغة الرسالة النصية التي نستلمها من غبشة الله على هواتفنا، فبدلاً من تلك الصيغة الشرطية: «لقد قمت بارتكاب مخالفة، على وزن قمت بارتكاب جريمة»، نرى نحن المخالفين، الدافعين، أن ترقق العبارة، وتشذب، وتُجَملّ، مثلما تفعل مصانع الأدوية في تركيبة الدواء العلقم بجعله حلواً مستساغاً، بحيث لا تجرح تلك المخالفات المُرّة صباحنا، خاصة أننا سندفع ثمن المخالفة، بحيث تكون مثلاً: «عزيزي السائق نعتذر عن قيام راداراتنا اللي (مازّرة) الدنيا، عن تعرضها لطريقك، و(شخطك) بمخالفة خارجة عن إرادتنا.. نتمنى لك نهاراً سعيداً، لكن لا تلومنا إذا ما دفعت مواقف، وإلا ما ربطت الحزام، وإلا تميّت (تتعلج وتتنطّق) وأنت تسوق»!
كذلك نطالب نحن المخالفين بالمكاشفة، والشفافية، فلا يعقل أن ندفع مخالفة ما فيها شفافية، والله ارتكبت مخالفة «شرق - غرب» أبوظبي، أقلها شفافية أن تخبروننا أنها مخالفة رادار أو مخالفة سلطها عليك ملازم ثاني «توه متخرج»، ويريد أن يستفتح بك في دوريته، خاصة بعد ما شاف رقمك «منقع»، وسيارتك «كحيانة»، وشكلك لا ينبئ إلا أنك غير صديق للبيئة أو مخالفة رضاعة هاتف أثناء تولي القيادة، وأقل ما نطالب به من شفافية لونية أن تعطون لكل مخالفة لوناً معيناً، فنعرف من اللون نوع المخالفة التي تصرون عليها حتى الآن أن تكون غامضة حتى ساعة الدفع.
ومن مطالباتنا نحن المخالفين البسيطة والتي لا تكلف شيئاً، وهي فضلاً لا أمراً أن لا ترسلوا المخالفة مرتين، لأنه والله حرام، ويصيبنا العشو، حين تصلنا مخالفة تَرّكِتها مخالفة، ونحن تعرفون قراءتنا على قد حالنا، خاصة في الأرقام، بحيث لا نرى تفاصيل الرسالة، فنرضف المخالفة مخالفتين، والهَمّ همّين.
وبهذه المناسبة الكريمة، دائماً بودي أن أسأل سؤالاً مشاغباً، كم يخالف «النقيب خلفان» حول السنة، وهل تصل مخالفاته إلى 7 آلاف درهم، وتتخطاها مثلما هي مخالفاتنا المرورية عن بُعد.
تبقى مسألة أخيرة وأراها ضرورية، لأن ما يغمضنا نحن المخالفين إلا بعثرة أموالنا في الشوارع، وعلى الطرقات، بشكل شبه مجاني، وكأننا ما ضربنا فيها بـ «كَبّ»، ولا تعبنا فيها بـ «قلم» ولا كَدّينا فيها الحطب والسخام، ولا بعنا فيها «لومي وهمبا»، ولا «طنينا فيها نخيل أيام القيظ»!