كل مباراة هي نهائي.. هكذا قال بيب جوارديولا يوماً وهو يستعد لقيادة مانشستر سيتي في مباراة ببطولة دوري أبطال أوروبا، وهكذا تتعامل فرق كرة القدم الكبرى مع كل مباراة.. فلا حسابات بليدة، عن الدوافع، وعن موقع المباراة، وهل هي على ملعبك أم على ملعب المنافس؟ وهل هي داخل الوطن أم خارجه؟ 
إنها عقلية الاحتراف في أي مجال، فالاحتراف يعني إتقان العمل، وأداء العمل بأقصى طاقة ممكنة وبمنتهى الجدية، ولأن العقل الاحترافي يغيب كثيراً عن اللاعب والرياضي العربي، نجد فرقنا ومنتخباتنا في مواقف صعبة دون مبرر حقيقي أو منطقي.
فعندما يلعب منتخب الإمارات في مجموعة تضم فيتنام وماليزيا وتايلاند وإندونيسيا، فمن المتوقع أن يتصدر المجموعة من اليوم الأول، لأسباب تتعلق بموقع الفريق في الكرة الآسيوية، ودرجة الاهتمام باللعبة ورعايتها، ومدى التطور الذي طرأ عليها خلال سنوات من العمل والتجارب الجادة، فكيف يحتل «الأبيض» المركز الرابع برصيد 6 نقاط فقط في تلك المجموعة التي لم تكن منتخباتها على خريطة الكرة الآسيوية؟
لا أستثني منتخباً عربياً ولا فريقاً عربياً من هذا «اللوغاريتم»، لدرجة أننا طوال سنوات نرى منتخب مصر بطلاً لأفريقيا، ولكنه لا يصل إلى كأس العالم. وحين توج باللقب القاري ثلاث مرات متتالية في أعوام 2006 و2008 و2010، لم يتأهل لنهائيات الأمم الأفريقية في ثلاث مرات متتالية، ومنذ سنوات طويلة وبسبب غياب العقل الاحترافي وإهدار الفوز في مباريات سهلة نقول عن كل مباراة: «إنها عنق زجاجة»، لأن الإهدار يضعنا في دائرة الحسابات الصعبة. 
اليوم يلعب الأهلي مع فيتا كلوب الكونغولي، والزمالك مع الترجي التونسي، والمباراتان «عنق زجاجة»، فالأهلي حين واجه بطل الكونغو في القاهرة سيطر وأهدر لاعبوه 11 فرصة تهديف، وخرج متعادلاً 2-2، والزمالك لعب في تونس أمام الترجي 27 دقيقة، وفرض كلمته، لكنه خرج مهزوماً بثلاثة أهداف، فأصبح فوز الأهلي والزمالك اليوم اختياراً لا بديل عنه، فالفريقان يحتلان المركز الثالث في المجموعتين الأولى والرابعة نتيجة غياب العقلية الاحترافية، وإهدار فرص التفوق والسيطرة الميدانية، ولأن اللاعب المصري والعربي يلعب كل مباراة وفى ذهنه أن هناك مباراة أخرى في الصندوق، وسيكون قادراً على التعويض فيها، فتكون النتيجة هي الضغط والتوتر وفقدان التركيز، لأن لاعبنا يجد نفسه غير قادر على تعويض ما خسره. 
** كل مباراة هي نهائي حاسم وفاصل، وإذا لم نهضم تلك المقولة، فسوف تظل كل مباراة بمثابة «عنق زجاجة».. وقد عشت حياتي المهنية كلها، وأنا أحلم بزجاجة من دون عنق!