هذه هي حكاية المستهام، امرؤ من هذا الوطن، في قيامته روح ريحان وبوح هيام، حيث النخلة الصامتة عند ناصية الذاكرة، تبعث برسالة شوق إلى من يهمه الأمر، وتحكي قصة إنسان كان يعيش هنا عند طرف الوجود، ويسكب قطرات العرق تحت الجذر، ويغني رافعاً النشيد عالياً باسمك يا نخلة الخلود، يا جذر الجدود، يا وحدة في الخفايا، والنوايا، والثنايا، والعطايا، والسجايا، وأحلام الطير بين الغصون، وشجون (البيدار)، وهو يقطف حبات الشغف من بين عناقيد الهوى، والنوى، هنا تبدو النخلة كمن يقطن مكاناً خفياً في أعطاف الوجود، ليكتب قصيدته الأخيرة ويذرف الدموع كما ذرفها طاغور ساعة دنو الأجل، وإحساسه أنه لم يكمل بقية الأبيات، لملحمته الشعرية، التي نال على أثرها احترام العالم لإبداعه السحري.
نتحدث عن الحب، ونسرد التفاصيل بشأنه، ويتجلى البريق في عيوننا عندما نصافح يد الحبيب، أو نتأمل الرموش وهي تنسدل أهداباً تحت الجفنين، وتتخطى حدود الهزة الأرضية حين تتحرك صخورها في الأعماق رغبة في إزالة الصدأ على وجه الأرض، وتحويل التراب إلى جبال شاهقة، بعظمة الكائنات العريقة، والتي تشكل تاريخ الحياة.
بهذه الصورة الدرامية تتخلق في أعماق العاشق صورة وطن أحب الناس جميعاً، فأولوه الصادق وصاروا يؤمونه بعشق المعتصمين بحبل العفوية، والذين تهتف قلوبهم وجداً بهذا الكون المتمثل بدولة نسقت مشاعرها، وانتمت إلى الوجود بعرفانية فريدة، تليدة، عتيدة، مجيدة، لا تساويها ولا تضاهيها بقعة على وجه الأرض.
هنا تتنامى أعشاب الحياة مرتوية من عذب القيم، مشبعة من جداول التسامح، ذاهبة بالعلاقات مع الآخر، بأشرعة الشفافية، مندمجة مع الوجود بأنامل التناغم، والانسجام، متشحة بنطاق التأمل بكل ما يجمع الناس على الألفة، والمحبة، والانسجام، دولة كأنها المحيط، لا تفرق بين موجة وأخرى، فكل أمواجها من صلب المحيط، وكل زعانفها من ملح الماء الذي يغرفه المحيط، بلد أصبحت اليوم، كما هي القلادة في النحر، تجمل، وتتجمل بالبريق، فتهب القلوب لهفة الانتماء، وشغف الولاء، ولا تنفض من التسامي في مشاعر الناس المحبين، بلد ينمو كما هو الورد في بساتين الفرح، كما هي الفراشات في حقول الترف، كما السحابات في مناخ الرفاهية.
هذه هي الإمارات تتوهج حباً، رغبة في التواصل مع أضلاع الوجود، لأنها على يقين من أن الوجود هو نتيجة الاتحاد ما بين المتنوعات في الحياة.