ما بين التوجس والأمل في مشاهدة الأفضل، تنقلت بين تضاريس ودية «الأبيض» أمام المنتخب الأوزبكي، وقد حسبتها مرآة ستعكس شخصية المنتخب الإماراتي الجديدة، التي وضع ملامحها الأولى مدرب وناخب جديد تجاوز بقليل المرحلة الاستكشافية، بعد المعسكرات التي أخضع لها اللاعبون منذ تعيينه على رأس العارضة الفنية شهر أغسطس الماضي.
ولأن هناك حاجة ماسة لمواجهة النفس بالحقائق، حتى لو كانت مؤلمة وصادمة، فإن ما شاهدته من «الأبيض» في ودية أوزبكستان أصابني بوجع كبير، ولو شعرت بأنه هذا الذي تداعى من أداء مترهل هو بمثابة المخاض العسير الذي يسبق في العادة الميلادات الجميلة، لطردت من رأسي الوساوس التي هيجت بداخلي الشعور بالقلق، القلق على أن «الأبيض» الذي يستشرف مرحلة جد حاسمة في مساره المونديالي والآسيوي، ليس بأتم جاهزية من كل النواحي المحددة لشخصية الفريق المؤثر في محيطه القاري.
ما كان أمامي في هذه الودية لاعبون يتقلدون لأول مرة مسؤولية تمثيل بلد وصيانة عهد وحماية حلم، مسؤولية بثقل نفسي رهيب، وكان بالطبع أمامي مدرب جاء لأول مرة إلى قاعة العرض، في أول محك حقيقي، ليعرض خلاصات خبراته الفنية، وليقدم لنا فكراً «تكتيكياً» ومشروع منظومة لعب ترفع «الأبيض» إلى المستويات التي تطابق مكوناته وممكناته.
وللأمانة، فقد صدمت، ليس للهزيمة لأنها واردة في كرة القدم، ولأن بعض الهزائم الودية تكون بمثابة الضارات النافعات، ولكن لأن الفريق وهو يلعب بنظام 4-2-3-1، لم يعطنا الانطباع على أنه هضم جيداً ثوابتها ومتغيراتها التكتيكية، ولم يشعرنا بأنه يتقن الأدوار المتشابكة التي يفرضها التنشيط الجيد للشاكلة، والدال على ذلك أن أخطاء دفاعية فردية وجماعية ارتكبت، فانهارت معها المنظومة بالكامل، والدال على ذلك أيضاً أن عملية التحول، التي هي أحد أقوى الأسلحة التكتيكية الموظفة في كرة القدم الحديثة، شابها الكثير من المعطلات والتشوهات.
يحتاج المدرب لويس بينتو، بمعية طاقمه المعاون، إلى إجراء دراسة دقيقة للمخرجات التكتيكية والفنية لودية أوزبكستان، وما أكثرها، فقبل الحكم على التفاوتات الغريبة في مؤدى اللاعبين لمعرفة مصدرها، ولو أن بعضها يعزى إلى النقص الواضح في الجاهزية البدنية نتيجة الانقطاع الطويل عن اللعب، وقبل إحصاء الأعطاب التي ضربت منظومة اللعب، يحتاج بينتو إلى ما يعرفنا بفكره التكتيكي، وإلى ما يضعنا جميعاً أمام مشروع اللعب الذي أقنع به مجلس إدارة اتحاد الكرة، ومن حسن حظه أن «الأبيض» سيخوض في شهر نوفمبر المقبل، وديتين أخريين أمام طاجيكستان والبحرين، قبل أن يعرج على أربع مواجهات حاسمة ومصيرية، بها يتعلق الحلمان الآسيوي والمونديالي، وإلى ذلك الحين سيكون ممكناً استعادة الهداف علي مبخوث والمايسترو عمر عبد الرحمن وكايو كانيدو، والثلاثة يستطيعون مع فابيو دي ليما وتيجالي أن يضعونا أمام «أبيض» مختلف.