امتداداً لحديثنا بالأمس عن موظف الاستعلامات، ودوره المحوري، هناك أيضاً مراكز الاتصال في البنوك المحلية وما آلت إليه أوضاعها من تجاهل للمتصل، لتترسخ لدينا القناعة بأن ما يقال في تسجيل الرد الآلي بأن «مكالمتك تهمنا» بات يعني «لا تهمنا»، وإلا ما معنى أن يطلب منك الانتظار لفترات تصل إلى ما لا يقل عن 20-40 دقيقة ريثما يرد عليك الموظف المختص بحجة أن «جميع موظفينا مشغولون بالرد على عملاء آخرين»؟ وأن هذا الوضع ناجم عن ظروف وأوقات «برنامج التعقيم الوطني»، وكلنا نعلم أن البرنامج اختتم منذ نحو شهرين، في إشارة واضحة إلى أن المصرف الذي يريد إقناعنا بأن «مكالمتنا تهمه» لم يكلف نفسه عناء تحديث التسجيل الذي يرهق أعصاب كل متصل به!!.
 ومما يثير استغراب المرء بالفعل أن هذه المصارف تستثمر أموالاً طائلة في تأمين شبكاتها وعملائها من قراصنة المعلوماتية، وكذلك في حملات التوعية من الاحتيال العابر للقارات عبر مختلف المنصات الإعلامية المطبوعة والمرئية والمسموعة بينما لا تكترث بتعزيز أهم حلقة في السلسلة وهي مراكز الاتصال التابعة لها.
 ينتاب العميل شعور بأنه تعرض للاحتيال أو محاولة احتيال، فيهرع متصلاً بمركز الاتصال فلا يجد غير الرد الآلي وتلك الأسطوانة المشروخة عن «الانتظار» لأن «مكالمتك تهمنا»، ويستمع صاغراً للموسيقى التي تثير التوتر أكثر مما تحفز على الهدوء. وبعد عدة محاولات بإدخال أرقام طويلة، قد يسعفه الحظ وقد لا يسعفه ليحظى برد من موظف المركز الذي يبدأ معه سلسلة أسئلة للتأكد من هويته وبعدها يقول له سنرسل لك رقماً تعريفياً للتأكيد على الرقم الذي تتصل منه، فيسقط في يد المتصل خاصة إذا كان من كبار المواطنين ولا يجيد التعامل مع التقنيات الحديثة.
 أحياناً يكون الموظف فطيناً فيدرك ورطة الرجل فيكتفي بأسئلته الهاتفية، ثم يباشر استكمال خدمته، وإن كانت متأخرة جداً قياساً بالسرعة المطلوبة للتعامل مع أية صورة من احتمالات الاحتيال الذي يحذرون منه. وقد تابعنا من واقع سجلات الشرطة والمحاكم العديد من قضايا الاحتيال المصرفي عبر الهاتف التي جرت مؤخراً وكان العامل الحاسم في سرعة تنفيذها أو إحباطها التعامل الفوري مع الأمر سواء من الضحية أو من مصرفه.
ما نطلبه من المصارف الوطنية الكبيرة هو الاهتمام بمراكز الاتصال فيها حتى نلمس فعلاً أن «مكالمتنا تهمهم حقاً».