للأسف بعض موظفي ومسؤولي أقسام الاتصال في دوائرنا ومؤسساتنا، وكذلك في «الإعلام الأمني» بعدد من فروع القيادات الشرطية، غير قادرين على التمييز بين عصري ما قبل وما بعد الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي. 
تجدهم حتى بعد انتشار خبر مهم للغاية يتعلق بحياة الناس وتفاعل المجتمع معه، بعيدين عنه كل البعد، وإن عقبوا عليه بعد ساعات، تجد الردود لا تبعد كثيراً عن طريقة «من فسّر بعد جهد الماء بالماء».
ترى هذه الجهات بعد انتشار الخبر «غير الرسمي» من مصادر أخرى عبر منصات «السوشيال ميديا» تصدر بياناتها لتدعو «الجمهور الكريم» إلى استقاء المعلومات، وأخذ الأخبار من «مصادرها الرسمية والصحيحة»، رغم أنها لم تصدر الخبر أساساً، وما أصدرته ليس سوى ما تعتقد أنه تصحيح أو تصويب للخبر «المغلوط» والمتداول على حد قولها.
خلال الأيام الماضية تابعت ثلاث وقائع جرت بصورة متتالية، وحظيت باهتمام الرأي العام ومع هذا لم ترد عليها الجهات المختصة إلا متأخراً، وبعد أن كان «الخبر غير الرسمي» قد انتشر بصورة واسعة، وأضاف له من أراد المزيد من «التوابل والبهارات»، وتلقفته مواقع خارجية لتأويله كيفما اتفق وتوجهاتها.
لست بصدد إعادة التذكير بتلك الأخبار والوقائع، قدر ما نُذّكر المعنيين في هذه الأقسام أن الزمن تغير، فمن كان ينتظر بياناتهم «المعلبة» لم يعد موجوداً، بل أصبح يسبقهم بمراحل عدة، ينشر المعلومة ويدعهم في حيرتهم للاهتمام بجوانب ومسائل مصدر تسريب الخبر، أو كيف وصلت المعلومات إلى المنصة الناشرة له، ونسوا أن الهواتف الذكية جعلت كل شخص قادراً على نشر الخبر والمعلومة بغير تلك الضوابط المهنية السابقة التي يحرص العاملون في المؤسسات الإعلامية على الالتزام بها. لذلك من المهم جداً أن يتغير المنهج ليواكب البيئة والمناخ الإعلامي الذي فرضه التحول التقني الذي نعيشه.
 تغيرٌ وتغييرٌ مطلوبان في آلية العمل السائدة لتستبق نشر المعلومة أو الخبر الذي تعتقد أنه «عارٍ عن الصحة» بنشر الخبر «الموفور الصحة» المدعم بالتفاصيل التي لا تدع مجالاً للتأويل والتكهنات أو طلب تفسير لما يجري، خاصة في الظروف الاستثنائية التي تشهدها البلاد بسبب الإجراءات الاحترازية الجارية، والتدابير الوقائية المتبعة للتصدي لجائحة كورونا، فالوضوح والشفافية مفتاح وصول الرسالة للشرائح المستهدفة، وعدم تركهم نهباً للإشاعات.