لابد لكسر العادة أن نحتاج إلى منجل نفسي قوي يتجاوز الأتربة، والغبار الذي تراكم على الصدور لقرون من الزمن. الآن، وفي ظل العاصفة الوبائية، هناك من يشعر بالتعب إزاء بعض القوانين التي سنّتها الحكومة لمواجهة الظرف الراهن، وهذا أمر طبيعي أن يشعر أولئك الناس بمرارة تطبيق ما يملى عليهم من قوانين، وإن كانوا يعرفون أنها سنت لأجل صحتهم، والمحافظة على حياتهم، والخروج من المحنة بسلام وبأقل الخسائر، ولكن هذا هو حال البشر، عندما يتشبثون بقيمة من القيم فإنهم لا ينفكون في الدفاع عنها، والتمسك بها بعتاد، وشراسة، لأن هذا هو من طبيعة (الأنا)، التي تعتبر كل ما يمت للإنسان بصلة هو ملكية خاصة، ولا يمكن السماح بمساسها.
هذه المشاعر القديمة، والمترسبات الدهرية تجعل الإنسان يخاف من التحول، ويخشى التغير، ولا يقبل بالجديد، والقوانين التي فرضتها الحكومة، هي جديدة بالنسبة للناس الذين اعتادوا قضاء اليوم تجولاً في الأسواق، والتحرك في الشوارع، وبخاصة أن الإمارات تتمتع ببيئة سياحية خلّابة، حيث تتوفر الخدمات التي تجعل الإنسان يعيش في كوكب غير كوكب الأرض، ولكن كل هذه المعطيات الجميلة، لا ينبغي أن تطغى على القوانين التي وضعت للمحافظة على الحياة، ولصد الهجمة القاتلة من قبل أشرس الأمراض التي واجهتها البشرية منذ الحرب العالمية الثانية.
إذن، كل ما نحتاجه هو تحكيم العقل، للتخلص من (الأنا) ومخالبها المتعلقة في العادة، وبالعقل سوف نعي أن هذا الوباء سوف يزول، ومدته قصيرة، بقدر ما نحن نلتزم، ونقدر الجهود الحكومية وكل ما يبذل لأجلنا.
المرض سوف يغادر، وسوف يلملم أغراضه ويرحل، فقط علينا أن نتخلى عن العادة، وأن نمتلك الشجاعة في تحمل بعض الأعباء التي نشعر أنها ثقيلة، وسوف تعود الأيام إلى أحلامها الزاهية، وسوف يفرح الأطفال ويلعبون في أجمل حدائق البلد، ويتسوقون في أعظم الأسواق التجارية، فقط المطلوب هو التريث وعدم الاستعجال، فالكل يعمل لأجل الناس في هذا البلد، والكل يسهر ويضحي بحياته من أجل صحة الناس، لذلك، من يتعجل الخروج، أو يتذمر من بعض (القيود)، عليه أن يتأمل وجوه الفرق الطبية، وسوف يعرف مدى المعاناة التي يشعر بها هؤلاء، وذلك من أجلنا نحن، ومن أجل الإمارات، والتي يجب أن تبقى صحيحة، ومعافاة دائماً.
يجب أن تظل شمسنا مشرقة دائماً، لأننا نحن شمس العالم، ونحن مصابيحه التي تضيء أفنيته.