عندما كانت الجماهير لا تحضر إلى الملاعب في المسابقات المحلية، كانت بعض الأندية تبادر بإعلان الدخول إلى الملاعب بالمجان، كما كانت بعض الشخصيات وبمبادرات ذاتية وبحسن نية، تقوم بشراء التذاكر، وتوزيعها على الجماهير، وعلى الرغم من تلك المبادرات، فإن الجماهير كانت تواصل العزوف، فالجماهير العاشقة لكرة القدم لا تنتظر دعوة أو حملة ولا حتى مبادرة، ولم تكن المشكلة يوماً في غلاء معيشة أو سعر تذكرة. الجماهير واعية، ولديها ذوق رفيع في كرة القدم، وعندما يكون العرض مثيراً تجدها تتسابق، من أجل الحصول على فرصة للحضور والاستمتاع بالحدث، ولا تبالي بالثمن الذي ستدفعه، حتى إن السوق السوداء تشهد رواجاً وتباع التذاكر بأضعاف قيمتها الحقيقية، ومع ذلك ليس هناك مشكلة، فالمشتري موجود وجاهز للدفع، وهذا ما لاحظناه خلال الأيام السابقة، فيما يتعلق بتذاكر حضور مباراة الجزيرة وريال مدريد، وكذلك تذاكر المباراة النهائية. ربما تعتبر ظاهرة السوق السوداء غير قانونية، ولكن لا أخفي عليكم سعادتي عندما عشنا التجربة هنا في الإمارات هذا الموسم قبل مباراة الوصل والوحدة، وشاهدنا الحرص الشديد، من قبل الجماهير، من أجل الحصول على بطاقات دخول المباراة، وسعادتي هنا ليست في السوق السوداء كتجارة غير مشروعة، ولكن في الإقبال الشديد على الحضور، وهذا ما يصنع للأحداث قيمة، ويسهم في ارتفاع وتيرة المسابقة ويزيد من زخمها وشغف الناس فيها. الجماهير تبحث عن المتعة أينما كانت، قد تدفع مبالغ طائلة وتتكبد العناء من أجل السفر إلى إحدى الدول الأوروبية ومشاهدة 90 دقيقة فقط من إحدى مباريات الدوري الإنجليزي أو الإسباني، ودوري أبطال أوروبا، وبالتالي ليس من المنطقي أن يذهب بالبعض التفكير إلى أن سبب العزوف الجماهيري عن المباريات المحلية، هو تذكرة لا تزيد قيمتها على 20 درهماً، ولكن المشكلة في السلعة وجودتها. على المسؤولين التفكير في الطريقة التي تزيد من عامل الإثارة في مسابقاتنا، والتسويق لها بين مختلف الجنسيات، والترويج للمباريات المهمة بالشكل اللائق، وهي خطوات تأخرنا بها كثيراً، فلا زلنا نستهدف الجماهير، كما كنا نفعل في الثمانينيات، عندما كانت كرة القدم متنفساً وحيداً بالنسبة للبعض، أما اليوم فقد زادت الفعاليات، وتعددت الأنشطة، وهناك الكثير من المنافسين، مسؤوليتكم أن تقنعوا الناس بمنتجكم، وستجدون الجماهير تحضر بكثافة وعن طيب خاطر، فالمشكلة لم تكن يوماً في قيمة التذاكر.