إن كان هناك من بطل حقيقي، سرق كل الأضواء في كأس العالم الأخيرة، وكان وهجه أكبر حتى من ميسي ورونالدو ونيمار وكين وسواريز ومبابي وجيرزمان ومودريتش، فهو امرأة وليس رجلاً ولا لاعباً. البطل الحقيقي كان الرئيسة الكرواتية كوليندا غابار كيتاروفيتش التي ساندت منتخب بلادها ليس كرئيسة دولة، بل كمشجعة سافرت بالدرجة السياحية، وقطعت تذكرة عادية، وجلست بين الجماهير، ولبست قميص المنتخب، واحتفلت مع اللاعبين، ودخلت غرف ملابسهم، ووجدت في كل مبارياتهم، ورفضت الجلوس في المنصة الرئيسة، إلا مكرهة يوم أجبرها رئيس وزراء روسيا ميدفيدف على ذلك، ومع ذلك كان احتفالها صاخباً، بعد أن فاز منتخب بلادها على المستضيف الروسي، فلم تخجل من التصفيق والهتاف والشجيع، ولم تعر للبروتوكول أي اهتمام. كيتاروفيتش هي أول امرأة تترأس كرواتيا، وهي تبحث عن ولاية رئاسية ثانية لهذا قد يكون تشجيعها للمنتخب جزءاً من حملتها الانتخابية «وقد لا يكون»، ولكن هذه السيدة التي تعرف خبايا الحملات الانتخابية. وكانت تعيش في الدولة التي اخترعت الحملات الانتخابية. وهي الولايات المتحدة الأميركية، حين كانت سفيرة لكرواتيا هناك بين 2008 و2011، وهي درست أو مارست التدريس في جامعات أميركية عريقة مثل هارفارد وجورج واشنطن وجونز هوبكينز، وتحمل شهادة الماجسيتر في العلاقات الدولية، ولكنها أيضاً زعيمة حقيقية لبلادها، بعد أن باعت الطائرة الرئاسية، وخفضت راتبها 30 بالمئة، وقضت على الفساد، وقالت لن نستدين من البنك الدولي حتى نموت، إلا إذا كان لمشاريع ربحية، وقلصت رواتب الوزراء في الحكومة، والأهم من كل هذا أنها قريبة من الشعب «حتى لو كان لأسباب انتخابية كما قد يحاجج البعض». ما نراه على الشاشات وعبر وسائل الإعلام، يقول إن هذه المرأة استغلت كأس العالم أفضل استغلال، وأظهرت نفسها وشعبها وبلادها بأفضل مظهر، ولا يهم إن توجت كرواتيا بكأس العالم، أو لم تتوج، فهي قد دخلت التاريخ فعلاً، وباتت كرواتيا الدولة الثالثة عشرة التي تلعب في المباراة النهائية لكؤوس العالم منذ 1930، تصوروا فقط 13 دولة لعبت في النهائي منذ 88 سنة وهي «أوروجواي، إيطاليا، البرازيل، ألمانيا، الأرجنتين، هولندا، إسبانيا، فرنسا، إنجلترا، تشيكوسلوفاكيا، المجر، السويد، وكرواتيا». كثر في الإمارات والسعودية يشجعون كرواتيا (كرمى) لمدربها زلاتكو الذي درب الفيصلي والهلال السعوديين والعين الإماراتي، وهو يرد بشكل غير مباشر على كل منتقديه الذين وصفوه بأنه ليس لديه ما يضيفه للعين لأن مخزونه التدريبي انتهى.