تلك الصورة لذلك الفريق البائس التقطت قبل تأسيس نادي العين، ونادي عُمان بسنوات، بقي منها لاعب الوسط أكمل دراسته في أميركا، وعاد لا يعرف أحداً منا، ربما يشتغل في شركة بترولية الآن، له أصدقاء جدد يرطنون الإنجليزية بطريقة غير التي علمّنا إياها الأستاذ محمود في المدرسة الإعدادية، يقال إن أولاده لا يشبهون سحنة أولاد العين، حتى أن جدتهم حين تراهم تضحك من حلاقة رؤوسهم، وتقول: إنهم لا يعرفون «السنع ولا المنقود». أما مساعدا الوسط، فأحدهما مات مبكراً بسيارته النيسان 240 الجديدة، أما الآخر فقد انضم إلى جماعة الدعوة الإسلامية، وأسس أسرة كبيرة وتزوج امرأتين، إحداهما هندية، رقم 8 في الفريق انحرف مبكراً، وعرف السجن أكثر من مرة، يقال عنه إنه كان يشرب كحوليات رخيصة «أم قرون - كليوباترا»، ويدخن شيئاً شبيهاً بالبعر في رأس «غرشة» مكسورة، معظمنا لا يعرف متى يدخل هناك، ومتى يخرج من هناك، «وينك» اليسار أصبح موظفاً لكن يبدو أنه كئيب وغير راضٍ عن موقعه الجديد، لكنه يهرب من البيت للعمل مضطراً، لكي لا يطول مكثه اليومي في البيت مع الذئبة التي لا ينفع معها لا هجوم ولا دفاع، كما أنه يحرص على متابعة معظم مباريات الدوري من خلال المدرجات، لقد حاول أن يكون لاعباً أساسياً ضمن فرق أندية الدرجة الأولى، لكن موهبته ومهاراته لم تسعفه حتى أن يكون إدارياً ناجحاً، كان عذره الوحيد أنه لا يستطيع اللعب بالأحذية «الأديداس» الجديدة، الجناح الآخر الذي كان يميل للدفاع أكثر من الهجوم، حتى ولو لم يطلب منه أحد ذلك، وأحياناً كان حارساً احتياطياً للطوارئ، فمازال يعارك الحياة، مرة في شركة غير ناجحة، ومرة يقرض الشعر الشعبي غير المقبول، ومرة يورّد خدامات، ومرة أخرى يجرب حظه في المغامرة والمقامرة اللتين يخذلهما التسرّع والحظ أحياناً، وحده رأس الحربة والذي كان يلعب معنا عندما يريد استطاع أن يكون لاعباً ماهراً لفترة طويلة، ووصل إلى صفوف المنتخب، ولو أنه كان ضمن دكة الاحتياطيين لعدة منافسات، هو اليوم أكثر سمنة وترهلاً، أما اللاعب رقم 13 فهو لم يلعب لا في فريق «الفريج»، ولا في الفرق الأخرى، لقد كان متيناً أكثر من اللازم، ولا يوحي للآخرين أن باستطاعته أن يسدّد الكرة أو يتخطاهم بالمحاورة، كان يتعب أكثر من اللاعبين، ويشرب نصف «فلاص الشربت»، وهو جالس يشاهد الأهداف التي تدخل علينا، هو اليوم ناجح في الحياة، مقاول بناء، وصاحب حملة للحج والعمرة، ولديه مدرسة لتعليم السواقة، وكافل خياط و«دوبي»، ومحل طباعة ونسخ عند مبنى الجوازات، ومغسلة سيارات في الصناعية، ولديه بيت شعبي مقطّع ومؤجر. تلك كانت سيرة أولئك اللاعبين الصغار الذين زيّنوا تلك الصورة بالأبيض والأسود الباهتة، بملابسهم الرخيصة غير المتناسقة التي ابتاعوها من دكان «رمضون»، والتقطها لهم مصور «استوديو ساحل عُمان»!